ما أصعبها على النفس لحظات الفراق .. تعيش حياة كاملة بين أحبائك من أهل و أصدقاء و جيران و زملاء و معارف .. تشاركهم حياتهم و يشاركونك أفكارك و أحلامك و طموحاتك .. تسعد بسعادتهم .. و تهتم لحزنهم .. تناقشهم أفكارك و يضيفون اليها من عبيرهم .. تقفز فرحا فى أفراحهم .. و تجدهم بجانبك فى شدائدك .. و تتسارع خطواتهم اليك اذ احتجت معونتهم يوما .. قد تتشاجر معهم أحيانا .. تغضب منهم .. بل و تتمرد عليهم .. و تفصل بينكم بعض لحظات الفرقة .. و قد تتخيل أنك تستطيع العيش بدونهم .. و أن الأمر فى غاية السهولة .. و أنه يمكنك الاعتماد على نفسك فى تسيير أمور حياتك .. و لكنكم تعودون .. تعودون الى رحاب بعضكم البعض .. فلا يمكن لأحد منكم الاستغناء عن الاخر مهما كانت الظروف ..
في الغربة حينما يأخذك حنين الى الوطن تتلمس بعض السلوان فى الصور التى حملتها معك .. و تجلس للتذكر .. هذه ليوم تخرجنا .. و هذه رحلة المدرسة أيام الثانوي .. و هذه من أيام الطفولة .. و تلك لصديقات العمر .. و أخرى لزميلات الدراسة .. و غيرها يوم تجمع العائلة .. و ها هي أختى تضحك .. و أبي يبتسم .. و أمي تنادي .. و شباب يهتفون في الميدان .. و أعلام ترفرف في السماء .. و زغاريد تعلو في قاعة الزفاف .. و تتوالى الذكريات .. و فجأة تجد عقلك يسأل .. يا ترى ما هو الوطن ؟؟.. هل هو الأحاسيس التى نعيشها مع أقراننا ؟ أم انه الذكريات المحفورة بداخلنا ؟ أم انه الأفراد ممن جمعنا بهم طريق الحياة ؟ أو لعله الأماكن التى عشنا فيها و عاشت فينا ؟ فتجتهد لتذكر .. أدرسوه لنا أيام الجامعة ؟ لقد درسونا معنى " الدولة " .. و نسو أو لعلهم تناسو أن يدرسو لنا ما هو الوطن .. ربنا لعجزهم عن الالمام بكنه .. أو ربنا لأننا نعيش أكذوبة تعليمية يجتهدون فيها لاستعراض علمهم فى التفاصيل الصغيرة .. و لا تسمى امكاناتهم العلمية لتدريسنا المعانى الأكبر على الرغم من كونها الأهم و الأعظم و الأشمل .. !!
و تدرك حينها أن اللحظات التى تعيشها وسط أحبائك أثمن بكثير من أن تعكر صفوها زلات بسيطة .. أو أن تلوثها لحظات غضب ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق