Ads 468x60px

الاثنين، 2 ديسمبر 2013

12

<iframe src="https://docs.google.com/document/d/1xwmLxi7uMvcx_ZUHidDEKkphduPCjvhvvJIWT0kbG3I/pub?embedded=true"></iframe>

الأحد، 1 ديسمبر 2013

محمد مفتاح وتحليل الخطاب الشعري والاستيحاء من اللسانيات بتياراتها: التداولية، السيميائية، الشعرية


محمد مفتاح ناقد مغربي حداثي، طلع في ميدان النقد في مطلع الثمانينات بكتابه (في سيمياء الشعر القديم) 1982، ثم أصدر كتابه الثاني (تحليل الخطاب الشعري) عام 1985، ثم تتابعت كتبه: (دينامية النص) عام 1987، و (مجهول البيان) عام 1990، و (التّلقّي والتأويل) 1994، و (التشابه والاختلاف) 1996، و (الخطاب الصوفي) 1996...
في كتابه (تحليل الخطاب الشعري) الذي جعله الباحث قسمين: تنظيري وتطبيقي، جمع أكثر من منهج واحد، فقد استوحى من اللسانيات بتياراتها العديدة، (التداولية، والسيميائية، والشعرية)، ومن السيمياء باتجاهاتها المتنوعة، ومن البلاغة (الإبدالية، والتفاعلية، والعلاقية، والغشتالية، والمقوّمات)... والباحث يعترف بهذا الجمع، ويسوّغه بقوله:
"حينما نوينا الاستيحاء من اللسانيات والسيميائيات ترددنا بين أمرين ممكنين: العكوف على ما كتبته مدرسة واحدة لفهم مبادئها العامة والخاصة ثم تطبيقها على الخطاب الشعري. ولكننا رفضنا هذا الخيار لأسباب موضوعية من حيث أن أية مدرسة لم تتفق إلى الآن في صياغة نظرية شاملة، وإنما كل ما نجده هو بعض المبادئ الجزئية والنسبية التي إذا أضاءت جوانب بقيت أخرى مظلمة. وقد أدّى بنا هذا الشعور بقصور النظرة الأحادية إلى اختيار الأمر الثاني وهو التعدد، رغم ما يتضمنه من مشاق ومزالق" (ص7). 
وهذا الاعتذار عن جمع أكثر من منهج نقدي واحد ليس له ما يسوّغه سوى ضعف الإحاطة بمفاهيم المنهج الواحد ومقولاته، وحب "التوفيق" بين أكثر من منهج (إذا لم نقل التلفيق). ذلك أن الباحث استوحى النظريات اللسانية من ثلاثة مصادر هي:
1ـ التيار الشعري: من (ياكوبسون) الذي أسهم في تأسيس النظرية الشعرية الحديثة، ومن (جان كوهين) الذي انطلق من مسلّمة أن الشعر يقوم على (المجاز) الذي هو خرق العادة اللغوية أو الانزياح، وعلى الاستعارة. ومن جولينو، وج. تامين.
2ـ التيار التداولي لدى (موريس) وفلاسفة أكسفورد (أوستن، وسورل، وكرايس) ممن تبنّوا النزعة الاختزالية والوضعية ومبدأ شفرة (أوكام) Occam في تقسيمه الثنائي: الخيالي/ وغير الخيالي، والمعنى الحرفي/ والمعنى اللامباشر...
3ـ التيار السيميائي لدى أبرز ممثليه (غريماس) الذي استقى نظريته من مصادر معرفية عديدة: لسانيات بنيوية، وتوليدية، ومنطقية، وأبحاث أنثربولوجية. ثم وُضعت كتب من مثل: (محاولات في السيميولوجيا الشعرية) و (بلاغة الشعر) 1977 لجماعة (M) التي استقت من الغشتالية، والأنثربولوجيا، والتحليل النفسي، والسيميولوجيا، واللسانيات، وقاربت الخطاب الشعري بعمق وخصب. وكتاب (سيميوطيقا الشعر) لريفاتير الذي رأى أن التحليل السيميائي للشعر هو أخصب من التحليل اللساني.
وما يجمع بين هذه المحاولات السيميائية جميعاً هو القواسم المشتركة التالية:
آ ـ النص الشعري لعب لغوي.
ب ـ النص الشعري مغلق على نفسه، ولا يُحيل إلى واقع خارجه.
ت ـ جدلية النص والقراءة، وتعدّد قراءات النص الواحد.
ثم انتقل الباحث إلى (عناصر تحليل الخطاب الشعري) فجعلها عنصرين هما: (التشاكل) و (التباين). وكان غريماس هو أول من نقل مفهوم (التشاكل) من ميدان الفيزياء إلى ميدان اللسانيات، فاحتل هذا المفهوم مركزاً أساسياً في التحليل السيميائي. و (التشاكل) عند غريماس يعني "مجموعة متراكمة من المقولات المعنوية التي تجعل قراءة متشاكلة للحكاية، كما نتجت عن قراءات جزئية للأقوال بعد حلّ إبهامها" بينما هو عند براستي "كل تكرار لوحدة لغوية مهما كانت". وبما أن (التشاكل) لا يحصل إلا من تعدد الوحدات اللغوية، فمعنى هذا أنه ينتج عن (التباين)، وإذن فإنه لا يمكن الفصل بين (التشاكل) و (التباين).
وقد يكون (التشاكل) في التعبير، وفي المعنى: (فتشاكل التعبير) يكون في الصوت (حرف العين، والهمزة), وفي النبر، والكلمة المكررة، والجناس، والتركيب النحوي. وأما (تشاكل المعنى) فيتوضح بتحليله، كما في مثل (الدهر يفجع):
أ ـ الدهر: اسم + مجرد + دال على زمان غير محدد + دال على الضرر.
ب ـ يفجع: فعل + محمول إلى فاعل حي أو مجرد + دال على ضرر.
أما تعبير (التشاكل الصوتي) فيمكن تبيّن تيارين عملا به: تيار يقول بالقيمة التعبيرية للصوت (ابن جني في كتابه الخصائص)، وتيار يقول بخلاف ذلك (ويمثله السيد البطليوسي في كتابه: الاقتضاب).
وأما (تشاكل الكلمة) فيكون في (الجناس) وهو اتفاق اللفظين واختلاف المعنيين، وأما (تشاكل المعجم) فقد احتل (الفعل) فيه أهمية وظيفية. والدلالية ترى في المعجم قائمة من الكلمات المنعزلة التي تتردد في النص الأدبي بنسب مختلفة، لتكوّن حقلاً دلالياً. ومن هنا فإن لكل خطاب معجمه الخاص: فللشعر الصوفي معجمه، وللشعر الخمري معجمه، وللشعر الغزلي معجمه، وهكذا...
وأما (تشاكل التركيب) فيشمل نوعين من التركيب: التركيب النحوي، والتركيب البلاغي. فالتركيب النحوي تبدأ فيه الجملة العربية بالفعل، مثل: (جاء محمد) فإذا قلنا: (محمد جاء) وقع التركيز على محمد دون سواه من الأسماء التي تتبادر إلى ذهن المخاطب. وهذا يعني أن تشويش الرتبة له نتائج معنوية تداولية. من هنا اهتمام البلاغيين العرب بالتقديم والتأخير، واهتمام الدراسات اللغوية المحدثة باستخلاص قوانين مجردة شمولية، ووضع مفاهيم إجرائية من مثل: البؤرة، والتعليق. فـ (محمد جاء): محمد (بؤرة)، وجاء (تعليق).
وإذا كان (التباين) يُظهر صراع الأطراف كما في: الحضور/ والغياب، والنفي/ والإثبات... فإن (التشاكل) يُقصد به تراكم مستوى معين من مستويات الخطاب هو (المستوى التركيبي). وقد سمّاه البلاغيون العرب (المعادلة)، وقسّموه إلى (ترصيع) و (موازنة). وقد يكون (التشاكل) كلياً، وقد يكون جزئياً، وينعكس ذلك في الاشتراك بالحرف الأخير كما في (العهن والمهل) و (هلوع وجزوع)، وكل زيادة في المبنى هي زيادة في المعنى...
وأما (التركيب البلاغي) فيتجلّى في الاستعارة، والكناية، والمجاز. أما (الاستعارة) فقد شغلت الدارسين منذ أحقاب، وعالجها الباحث على ضوء التيار الألسني البنيوي الذي كان من أهم ممثليه: ياكوبسون، وتامين، ومولينو، وتامبا... والتيار الألسني الغشتالي الذي من ممثليه: جونسون، وبالمر، ولاكوف... وقد عرض الباحث أبرز نظريات الاستعارة، وهي:
1ـ النظرية الإبدالية (أو التشبيهية) وتنص على أن الاستعارة لا تتعلق إلا بكلمة معجمية واحدة. وأن كل كلمة يمكن أن يكون لها معنيان: حقيقي، ومجازي، وأن الاستعارة تحصل باستبدال كلمة حقيقية بكلمة مجازية، وأن هذا الاستبدال مبني على علاقة المشابهة الحقيقية أو الوهمية. ففي مثل: (رأيت أسداً) و (عاشرت بحراً) فإن لكلمتي 
(أسد، وبحر) معنيين: حقيقي مستغنى عنه، ومجازي وهو 
المطلوب.
2ـ النظرية التفاعلية (أو التوترية) وترتكز على أن الاستعارة توجد في أكثر من كلمة واحدة، وأن الكلمة أو الجملة ليس لها معنى حقيقي محدّد، وإنما السياق هو الذي يعطيها معناها، وأن الاستعارة لا تحصل في الاستبدال وإنما تحصل من التفاعل بين بؤرة المجاز والإطار المحيط بها، وأن المشابهة ليست العلاقة الوحيدة في الاستعارة، فقد يكون هناك علاقات أخرى. وقد استخدم البلاغيون العرب مفاهيم إجرائية تقرّبهم من النظرية التفاعلية الحديثة، من مثل: القرينة، والترشيح، والتجريد، والتعلق، والادعاء. فالسكّاكي ينطلق من مفهوم (الادعاء) ليؤول على ضوئه الاستعارة المكنية.
ـ نظرية التحليل بالمقوّمات: وقد تبنتها البنيوية التي يمثلها هلمسليف، وياكوبسون، وغريماس، وغيرهم ممن استقوا منهجيتهم من دراسة علم وظائف الأصوات، ومن المسلّمة القائلة بثنائية ظواهر الطبيعة، حيث تنقسم كل ظاهرة إلى:
مجرد
محسوس


حي
غير حي

إنسان
حيوان
طبيعي
اصطناعي








مذكر
مؤنث
مذكر
مؤنث


وقد حلل بعض الباحثين كثيراً من الحقول الدلالية على ضوء هذه المتقابلات، وأسهم تحليلهم في حلّ كثير من مشكلات الظواهر اللغوية من مثل: الألفاظ المشتركة، والمترادفة، والمتضادة، والحقول الدلالية، والمعاني الأُول، والمعنى العرضي، والاستعارة.. ففي مثل (رجل شجاع):
ـ رجل: حي + إنسان + ذكر + بالغ...
وهذه المقومات ملاصقة لـ (رجل)، ولكن هناك مقوّماً عارضاً مضافاً إليها هو (شجاع). وبما أنه ليس ملاصقاً فقد دُعي (مقوماً عرضياً)، لأنه صدر سجِيّة. والدراسة المعاصرة للاستعارة تقوم على هذا التحليل: إذ تعمد إلى التركيب فتحلله إلى مقوماته، ثم تنظر في مدى توافقها واختلافها. وكلما كثر التوافق صارت الاستعارة أقرب إلى الحقيقة، وكلما كثر الاختلاف صارت هناك مسافة توتر وتباين.
4ـ النظرية العلاقية (أو التركيبية)، وهي تيار غربي بلاغي معاصر، انتقد أصحابه البلاغيين الذين اهتموا بمعنى الاستعارة دون تركيبها، ويمثلهم (بروك روس) Brooke Rose الذي نظم كتابه بحسب انتماء الاستعارة إلى أقسام الخطاب المختلفة: الفعل، والوصف، والظرف، والاسم، والنداء.. وقد سمّى البلاغيون العرب نوعاً من الاستعارة باسم (الاستعارة التبعية) وهي التي يكون فيها المستعار فعلاً كما في (عضّنا الدهر بنابه)، أو اسماً (نطقت الحال)، أو حرفاً (علي بنعمة)، أو يا النداء (يا رجل أقبل)، أو الإضافة (وعرّي أفراس الصبا)، أو الجملة الحالية (كالحادي وليس له بعير).
5ـ النظرية الغشتالية: عند لاكوف، وجونسون، وبالمر. أما لا كوف Lakoff  وجونسون Mark Johnson فقد انتقدا النظرية الوضعية للاستعارة في كتابهما المشترك (الاستعارات التي نحيا بها) عام 1980 لأنها تنكر وجود أنواع من الاستعارة بدعوى أنها ميتة، وتتخذ (الغرابة) مقياساً، فإذا لم تحصل الغرابة في التركيب فليس من استعارة. ويضع المؤلفان (الاستعارة الاتفاقية) بديلاً، وهي ثلاثة أنواع:
أ ـ استعارة موجهة مكانياً: (المحاضرة ذات مستوى رفيع/ منحط)، و (الطالب متفوق/ منخذل).
ب ـ استعارة تشخيص المعاني المجردة: (نسير نحو السلام)، و (لا نحتمل ويلات الحرب).
ت ـ استعارة بنيوية/ معجمية: (النظرية بناء).
وأما النظرية الغشتالية عند الألماني توماس بالمر T. Ballmer الذي وضع بحثاً بعنوان (الجذور المعرفية للنماذج العليا والرموز والاستعارة والنماذج والنظريات) عام 1982 انتقد فيه مناهج اللسانيات، فوضع الاستعارة في مركز وسط بين المعرفة الخفية والمعرفة العلمية، منطلقاً من شرط قاعدي للاستعارة هو مبدأ (الانسجام) الذي يتيح للمرء أن يوجه نفسه بنجاح في هذا العالم الذي يحتوي على كثير من مظاهر الانسجام، مما يسمح بالتعبير عن شيء بمفاهيم شيء آخر. فطبيعة الاستعارة تسمح بتجاوز المعاني المعجمية الاتفاقية، ونقل مظاهرها إلى ميادين تطبيقية...
وأما (الكناية) فهي ترك التصريح بذكر الشيء إلى ذكر ما يلزمه، لينتقل من المذكور إلى المتروك، ولها معنيان: حرفي، وغير مباشر. ففي (طويل النجاد) كناية عن شجاعة الرجل، وفي (نؤوم الضحى) كناية عن المرأة المخدومة. وأما (المجاز المرسل) فهو خرق للعادة التعبيرية، كما في (رعينا الغيث) فالغيث لا يُرعى، وإنما النبات الذي تسبّب الغيث في إنباته، و (أعصر خمراً) والمقصود أعصر عنباً...
ثم ينتقل الباحث إلى تعريف المدرسة (الألسنية التداولية) التي تناولت مظاهر لغوية عديدة بوجهات نظر متنوعة، من أهمها: تيار موريس، وتيار أكسفورد، وتيار التوليديين، وتيار السرديين.. (فتيار موريس) يقصد باللغة علم علاقات الأدلة بمتداوليها. وقد صنّف علاقات اللغة في معيّنات (هي الضمائر، وأسماء الإشارة، وأل التعريف)، وفي الزمان النحوي (الماضي والمضارع والأمر)، وفي المكان (ظروف المكان)، وفي الألفاظ العاطفية والقيمية (سواء كانت صفات أم أسماء أم أفعالاً...).
وأما (تيار أكسفورد) لدى أوستن، وسورل Searle، وكرايس... فقد اهتم بدراسة الأفعال الكلامية، وهو يعتمد فرضية مؤداها أن الكلام يُقصد به تبادل المعلومات، مع القيام بفعل محكوم بقواعد مضبوطة في نفس الوقت. وهذا الفعل يهدف إلى تحويل وضع المتلقي وتغيير نظام معتقداته ومواقفه السلوكية. ولكن هذا التيار اهتم بتحليل اللغة العادية، لا الأدبية التي يراها مشوّشة وغير عادية، باستثناء سورل الذي تناول اللغة الشعرية في كتبه: (الأفعال الكلامية) 1982، و (التعبير والمعنى) 1983، و (المقصدية) 1972 حيث ميّز بين اللغة العادية واللغة الأدبية في الرواية والمسرح...
وأما (تيار التوليديين) فقد اهتم بالتفاعل بين النص والسياق. ويمثّله أوهمان في كتابه (الأدب كفعل)، وفان ديك Van Djck في بحثه (السياق التداولي). و (النص) في هذا التيار هو سلسلة من الأفعال الكلامية، يُلقي كل منها ضوءاً على الآخر...
وأما (تيار السرديين) فيتجلّى لدى ياكوبسون، وغريماس، وجيرار جينيت... فغريماس يعتبر السردية مبدأ منظماً لكل خطاب، وهي تتكوّن من بنيات هي المكونات الأساسية على المستوى العميق للعملية السيميائية. وتتمثل الصيغ الأساسية لديه في: المعينات (كظروف الزمان والمكان، والضمائر، وأسماء الإشارة...) والموجهات (جهة الضرورة والإمكان، وجهة المعرفة، وجهة الفعل، وجهة الكينونة والظهور) والثنائية التي اعتبرتها البنيوية من خصائص الفكر الإنساني، واتخذتها كتقابلات أبستيمولوجية مثل: اللغة/ والكلام، والدال/ والمدلول... ومن أهم الذين استفادوا من الثنائية في دراسة المعنى غريماس الذي صنّف التقابلات في عدة أنواع: محورية (زوج/ زوجة)، ومراتبية (كبير/ صغير)، ومتناقضة (متزوج/ أعزب)، ومتضادة (صعد/ نزل)، وتبادلية (اشترى/ باع)...
في (المقصدية) لا يفصّل الباحث كثيراً، لأنه يراها المعنى (العمودي)، بينما يرى أن كل ما مر هو معنى (أفقي)، وأنه صلب التحليل الألسني:
أفقي


أصوات+ معجم+ تركيب +تداول


المقصدية


عمودي
وفي القسم الثاني من الكتاب تحدّث الباحث عن (استراتيجة التّناصّ)، فاستبعد عنه (الأدب المقارن)، و (المثاقفة)، و (دراسة المصادر)، و (السرقات الشعرية)، على الرغم من أنها تدخل كلها في باب (التّناصّ). ثم عرّف التناص الذي تعدّدت تعريفاته عند باحثين كثيرين من مثل جوليا كريستيفا، وآرّفي، ولورانت، وريفاتير... على أن (التّناصّ فسيفساء من نصوص أخرى أُدمجت فيه بتقنيات مختلفة). وعلى أن الأديب ليس إلا معيداً لإنتاج سابق في حدود من الحرية، سواء كان ذلك الإنتاج له أو لغيره. ومن هنا يصبح من المبتذل القول إن الأديب يمتص آثاره السابقة أو آثار غيره. ولذلك فإن الدراسة العملية تقتضي تدقيقاً تاريخياً لمعرفة سابق النصوص من لاحقها، كما تقتضي الموازنة بينها لرصد سيرورتها. فالتناص ـ بإذن ـ بمثابة الماء والهواء والزمان والمكان للإنسان، لا حياة من دونه. وكما يكون (التناص) في المضمون، فإنه يكون في الشكل أيضاً.
ومن الغريب أن الباحث يرفض إدخال المؤثرات، والمصادر، والسرقات الشعرية، في باب (التناص) في مطلع بحثه، ثم يعود فيدخلها بعد ذلك، معترفاً بأن أثراً أدبياً ما لا يتولد إلا من غيره، وأن إعادة نماذج أدبية معينة تتواتر وتتكرر لارتباطها بالسلف وبالسنن..
ثم يُتبع الباحث تنظيره بتطبيق عملي، فيدرس قصيدة ابن عبدون في رثاء الأندلس، التي مطلعها:
الدهر يفجعُ بعد العين بالأثر

فما البكاءُ على الأشباحِ والصورِ؟!
وقد بدأ تحليله بتطبيق مبدأ (التشاكل والتباين) في الشعر؛ فبدأ بتحليل الأصوات، حيث أعاد منها ما هو لحيّز الحلق (أ، هـ، ع، ح) في البيت الأول، وأظهر دلالتها على الحزن والزجر (اوّه، لتحزن...)... فإذا تجاوزنا (علاقة الصوت بالمعنى) إلى (المعجم) وجدنا الشاعر يستقي من مدوّنة الفرض، وقد تحكم في حضور كلماته مبدأ (التداعي) بالمقارنة: (فالعين) استدعت (الأثر)، و (الأشباح) استدعت (الصور). وقد قامت الذاكرة بدور أساسي في هذا التجميع لكلمات معروفة ذهنياً لدى المتلقي، ولذلك جاءت مصحوبة بـ (أل) التعريف.
وبما أن الرتبة الطبيعية في اللغة العربية هي (الفعل + الفاعل + المفعول به) و (المبتدأ + الخبر)، و (الموصوف+ الصفة)، فإذا وقع غير هذا الترتيب فإن هناك تشويشاً في الرتبة يحتاج إلى تعليل. ولهذا فإن تركيب (الدهر يفجع) جاء على غير الأصل، لأن هدف الشاعر من تقديم الدهر هو أن يجعله موضوعاً متحدثاً عنه، وما يتلوه تعليق عليه. كما أن الأصل في الاستفهام هو طلب العلم، ولكن الشاعر لا يقصد ذلك، وإنما يريد التوبيخ والتقريع. وهكذا فإن الجملة الخبرية (الدهر يفجع) والجملة الإنشائية (فما البكاء) قد أحدثتا توتراً تركيبياً في البيت، يعكس صراعاً بين الشاعر/ والمتلقي، وبين الدهر/ والإنسان.
وهكذا فإن هناك خرقاً على مستوى التركيب في تشويش الرتبة، وفي الاستفهام المجازي الذي يعني النهي (لا تبك)، وفي الإسناد المجازي (الدهر يفجع). وأسباب هذا الحزن تُلتمس في الآليات النفسية والاجتماعية التي تتحكم بالشاعر: فذاكرته وتجربته الثقافية، والتقاليد الفنية، ونوع المتلقي، حدّت من حريته، وجعلته يتحرك ضمن معالم معروفة...
ويتابع الباحث تحليل الأبيات بيتاً بيتاً، بنفس الطريقة، عبر ثلاث بنيات هي: (بنية التوتر) في المطلع وهي ذاتية غنائية، و (بنية الرجاء) في الوسط وهي ملحمية، و (بنية الاستسلام) في النهاية وهي مأساوية.
ومن الواضح أن السمة الغالبة على "منهج" مفتاح هي "التوفيقية" بين ثلاثة مناهج على الأقل، وأنه غالباً ما يخرج على مقولاتها ليعود إلى التراث البلاغي العربي، فيشبعه وخزاً واستنباطاً، ثم يميل إلى التقعيد المنطقي والفلسفي. 

من استعارة الجملة إلى استعارة السياق




1-في موضوع الكتاب :

2- عرض الكتاب:

1-2- التــعريف

2-2 - التقييس :

3-2  التــأطير :

4-2- الـتـأويل 

-3المرجعية و المنهج

4 – من استعارة الجملة إلى استعارة السياق : 

المتن و الهوامش

نحاول فيما يلي أن نقوم بقراءة  نقدم فيها كتابا لأحد الأعلام المغاربة في ميدان الدراسات الأدبية و تحليل الخطاب  ؛ إنه الأستاذ  و الباحث الدكتور محمد مفتاح ، أما الكتاب فهو كتابه : مجهول البيان .
و أشير منذ البداية إلى أنه من الصعوبة بمكان تقديم أو عرض كتاب كمجهول البيان لمؤلف اتسمت كتاباته بالتكــثيف و التعمق و الإبحار في محيط من  المراجع و المصادر العربية و الغربية على حد سواء . إلا أنه و لنفس الأسباب يجد الباحث نفسه متجشما هذا العناء خصوصا إذا كان موضوع الكتاب من أعم المواضيع و أقدرها قوة على مقاومة الزمن  و أكثرها تعطشا لإسالة المزيد من المداد . 
          إنه منذ أرسطو و موضوع البلاغة يستأثر باهتمام الدارسين في كل مجالات العلوم الإنسانية حتى أضحت بعض قضاياه جوهرية في الكثير من  التخصصات كالأدب و الفقه و الفلسفة و المنطق . فمن قضايا البلاغة المتعلقة بكل هذه المجالات : مـسـألة الإستعارة التي يثير محمد مفتاح في هذا الكتاب إشكالياتها و تناسلاتها من العهد القديم إلى الآن .

          و في محاولتنا هذه القراءة ، سنخصص الحديث اولا حول موضوع الكتاب ، ثم نحاول أن نضع بعض اليد على مرجعية االباحث و منهجيته في مجهول البيان  ، و من خلاله في مشروع المؤلف بصفة عامة  بعد أن نقدم عرضا موجزا لــمــحتــويـاتـه ، و نعرض أخيرا للنتائج التي توصل إليها  فــي االفصل التطبيقي من الكتاب .

  1-في موضوع الكتاب :

لا أحد ينكر أن البلاغة ذات صلة وثقى بالمنطق ، و أنها تربت في أحضان الحجاج ؛ فهي و سيلة للإقناع و لرفع مرتبة الخطاب ، « إنها تبحث في استعمال الخطاب من أجل أن يكون ساحرا و مقنعا ، و [ يصلح ] للتشاور و الترافع . «(1)  و قــد  تعرضت على طول مسيرتها لكثير من الإختزال ، بل و سوء الفهم أحيانا ، فلم يعد يفهم من البلاغة سوى وظـيـفـتـهـا في تنميـــق الخطاب و زخرفته ، يقول محمد الولي :« و في هذه الحالة ما دامت نواة البلاغة الحجاجية قد ألحقت بالمنطـق و قوض بذلـــــك  مجال الإيجاد الذي تعتبر البلاغة نواته الإقناعية ، و ما دام طرف من البلاغة قد ألحق بالمنطق فقد اخــتـزلــت البلاغة العامـــة  في صيغتها الأرسطية (…) إلى بلاغة محسنات و زخارف .» (2) ، فمنذ ارسطو و البلاغة سائرة في اتجاه اعتبارها أداة لإنتاج  خطاب من درجة ثانية يعلو على الخطاب الطبيعي ( أو الخطاب اليومي ) بما تكسبه إياه الإستعارة من جمالية . و لم تكن التصورات العربية في منأًى عن هذا التوجه . 
يقول محمد مفتاح:

« إننا لا ننكر ان علماء نا القدماء جاؤوا بآراء حصيفة و صائبة  في المسالة التي قيد التحليل(…) ولكنهم بحكم سيطرة المناخ المعرفي ا لموروث عن أرسطو شطروا آلية التقييس إلى شطرين :أحدهما تخلوا عنه و ثانيهما تبـنوه ، فما تخلوا عنه هو التقييس ( القياس ) الذي تركوه للأ صوليين و المناطقة و الفلاسفة ،و ما تبنوه هو  الإ ستعارة .

(…) وقد آن الآوان لاستثمار آلية التقييس لإدراك دور الإستعارة في خلق النظرية و في تسويغها و في الربط بــين عناصر الكــــون للهيمنة عليه و ضمان العيش فيه ، أو  في خلق الأوهام و قلب الحقلئق ،و في نشر معرفة مزيفة.»، المتن، ص 8.



إن الغرض الذي تجند له الباحث في هذا الكتاب واضح من خلال هذا النص و هو إعادة المياه إلى مجاريها ،لكن في ضوء مـا استجد من نظريات ، و انسجاما أيضا مع روح العصر الثقافية .

          إن مسألة حياد البلاغة عن أساسها كانت معلومة لدى بعض الفلاسفة العرب الذين كانوا على علم بالتراث اليوناني ، فهذا ابن رشد ينتبه إلى حياد البلاغة عن جوهرها و أساسها الذي هو ارتباطها بالمنطق إلى تركيزها على ما يسميه ب "التزيـين و التنميق"، يقول محمد العمري :« عمود البلاغة عند ابن رشد ذو طبيعة منطقية تخول لهذه الصناعة الإنتماء إلى المنطق،بل إنها لن تستكمل هويتها إلا بهذا الإنتماء ( ...) ومن حاد عن هذا الطريق ،عن طريق عمود البلاغة الذي يربط البلاغة بالمنطق  (أي بعلم الحق ) ، صرف اهتمامه للجـوانب الأسلوبية المقامية ( السيكولوجية ) التنظيمية ، أي للأمور الخارجية غير الجوهرية.» (3) . 

إن العلاقة بين البلاغة ( الإستعارة ) و باقي الفروع المعرفية ذات الصلة بها من حيث الأسس و النشأة علاقة جدلية تتأثر بانتفائها كل تلك الفروع ، فقد استعارت البلاغة من المنطق آلياتها ، يقول طه عبد الرحمان:«  اعلم أن الدراسات البلاغية ، قديما و حديثا اقتبست من المنطق الصوري بعض أدواتها.»(4 ) ، ولكن المنطق أيضا لا تخلو آلياته مما هو بلاغي ، يقول محمد الولـي : « إننا نلاحظ بهذا تسلسل المقومات الشعرية أي الإستعارة داخل المجال الذي يعتبر مقصورا على الأدوات الإقناعية.» ( ( 5.

إن النظرة الشمولية للبلاغة ، والبلاغة العربية على وجه التحديد تستلزم من الباحث أن يحفر عن جذور المسألة و ألا يتتبع طريقا مرسوما من قبل ؛ يقول محمد مفتاح :

« لقد بقيت البلاغة العربية في الدراسات القديمة و الحديثة مفصولة عن النظام الفكري الذى نشأت فيه و ترعرعت ،فهي وثيقة الصلة بالمنطق ، والأصول و النحو ، و علم الكلام  . و عدم مراعاة هذا التفاعل بين هـذه الفروع عاق المصلحين أن يكتشفوا الآليات العميقة التي تحكم النشاط الإستدلالي اللغوي القائمة عليه تلــك الفروع.» - المتن ،ص :11 .

          إن مسألة علاقة البلاغة بالمنطق أو بغيره من الفروع المعرفية لا تحتاج إلى إثبات ،لكن الذي يجب أن نلمسه هو :كيف لـنا أن نستثمر البلاغة ( الإستعارة على وجه التخصيص بالنسبة لمحمد مفتاح في هذا الكتاب ) بعد ردها إلى أصولها ؟  ثم كيف لـنا أن نرد البلاغة إلـى هذه الأصول دون أن نغض الطرف عن نتائج قرون عدة من الإنتاج النظري في مختلف مجالات البحث في العلـوم الإنسانية ؟

في إجابته على هذه الأسئلة ؛ سننتهي مع محمد مفتاح إلى أن نحلل بالإستعارة  نصوصنا الأدبية  أو الدينية أو غيرها ، و إلى أن نـحلـل الإستعارة في هذه النصوص.

2 – عرض الكتاب:

1-2) التــعريف:

يتتبع محمد مفتاح تحديد الإستعارة منذ أول واضع لأسسها و هو أرسطو مرورا بأول من تعمق في شرحه و ناقشـه و هو فورفوريوس PORPHYRE ( *) ، ثم ينطر في آراء من نقل مفاهيم أرسطو و فورفوريوس إلى الثقافة العربية الإسلامية من المناطقة المسلمين و على رأسهم ابن سينا و أبو حامد الغزالي . 

و بعد تحليله للكليات الأرسطية و الفورفورية و لآراء من اتبع أرسطو و فورفوريوس ؛ ينتهي محمد مفتاح إلى أن الكليات خمس و هي :الجنس ، النوع ، الفصل ، الخاصة و العرض . و لعل ما يهم في هذه الكليات بالنسبة لما سيقوم به محمد مفـتاح – بالإضافة إلى كونها ثوابت منطقية – هو ردها الشيء إلى مقوماته مما يمكن أن يفيد التحليل البلاغي ، و رد الإستعارة خــاصة و البلاغة عامة إلى أصولها المنطقية ، يقول محمد مفتاح :

« بيد أن ما هو جدير بالتسجيل و الإعتبار كون التحديد ، باعتماد على الشجرة الفورفورية ، رجع إلى سالف مجـده في مناهج أنثروبولوجية و سيميوطيقية و لسانية و قد شاع تحت اسم التحليل المتتالي في أمريكا أو التحليل المقومي (السيمي) في أوربا . « ، المتن ، ص : 19.

و من أهم الأمثلة التي يقدمها الباحث حول التحليل بالمقومات نشير إلى العمل الذي قام به  كَريماص ، و غـير خاف أن  كَريماص فيما سماه بالدلالة البنيوية قام برد الكلمات إلى مكوناتها الصغرى  ’’ المقومات ’’ و رد المقومات نفسها إلى مكونات أدنى و هكذا دواليك . و لم يقف عند الدلالة المعجمية للكلمة بل تعداه إلى البحث في المكونات التي تكتسبها الكلمة من السياق فيما سـماه بالمقومات السياقية ، و من ذلك استعار ألية جديدة من مجال الفيزياء و هي " التشاكل Isotopie  " ، و قد عمل راستييF. RASTIER على تطوير هذه الآلية الإجرائية  حتى أضحت بؤرة لنقاش حاد . 

و إذا كان التحليل المقومي قد تعرض لانتقادات كثيرة كإفقاده لحيوية المفردة اللغوية بعدم مراعاة السياق و الدلالة الإيحائية كما فعل "كاتز " و "فودور" ، أو كاستحالة الإحاطة بكل المقومات الذاتية و الأعراض ، و غير ذلك…. فإن هذا التحليل قد فرض نفسه ، إلى أن من شروط تبنيه في نظر محمد مفتاح  أن ينفتح على السياق و يعتبره مكونا أساسيا بما في ذلك من اعـتراف بدور " العَرض " أو الرسم ككلية . و في ذلك يقول : 

«  تبنينا التحديد بالرسم ، لأن القدماء و المحدثين لم يرفضوه و لا سبيل لهم إلى ذلك ، إذ إن كل موجـود يحتاج إلى صفات تسند له أو تحمل عليه  لـيُعرف أو ينمو و يتناسل « ، المتن ، ص : 36 . 

هكذا يتبين لنا من خلال عرضنا لهذا الفصل بأن محمد مفتاح يؤكد على دور السياق في كل عملية تأويلية ، و ذلك انسجاما مع الطرح الذي يتبناه ( النظرية التفاعلية ) كما سيأتي بيان ذلك حينما نعرض لمنهج الباحث في هذا الكتاب .

2-2)- التقييس : 

يخصص الباحث الفصل الثاني من الكتاب لدراسة التقييس ، و فيه يدرس الإستعارة في إطار القياس بصفة عامة و قيــاس التمثيل على وجه التحديد .إذ « ليست النماذج و الصور و الإستعارات إلا قياسات « كما يقول محمد مفتاح نقلا عن هوفمان .و مما توقف عنده في هذا الفصل ؛ وضع القياس ( أو المنطق عموما ) في الساحة الإسلامية ، إذ هناك من رفض هذا الإجراء جملة وتفصيلا كابن حزم الأندلسي ، و غيره كثير .إن بيت القصيد هنا بالنسبة للباحث هو أن يعقد العلاقة بين الإستعارة و قياس التمثيل على أسس واضحة ، و أن يقننها في ضوء النظريات الجديدة ، و ما أتيح من آليات ، و في ذلك إعادة نظر عميق في التراث العربي الإسلامي ، بل و العالمي ، و هي محاولة جريئة كان لابد منها في هذا الكتاب …

« إذن ما يهمنا نحن بحكم هدفنا ، هو الآليات التي تتحكم فيه [ القياس ] و المعرفة التي تنتج عــنـه ، و لا تهمنا المضامين و المواد التي اختلف حولها القدماء . لذلك نريد إثبات علاقة الإستعارة بقياس التمثيل و وضعها المعرفي ، و مواقف المحدثين من الإ ستعارة و وضعها المعرفي . « ، المتن ، ص :42 . 

و من ذلك ينتهي محمد مفتاح إلى أن الإستعارة شأنها شأن القياس تقوم على نفس الأركان و تتركب من نفس الأطراف ، فهي "إدخال المسنعار له في جنس المستعار " ، أي حمل طرف ( أو موضوع أول ) على آخر ( أو موضو ع ثان ) ، و القياس بناء للشك على اليقين أو حمل للامعروف على معروف ، و الإستعارة أيضا " إلحاق للأضعف بالأقوى " كما هي عند السكاكي . 

          و يقدم محمد مفتاح جملة من الأمثلة الإستعارية يحللها بعد الإقرار بأن الإستعارة تتكون من موضوع أول و موضوع ثان . و ذلك في ضوء النظرية التفاعلية التي يخلص الباحث إلى أن من مزاياها كونها تغني عن الدخول في متاهة التقسيمات و التفريعات التي تم تقسيم الإستعارة إليها لدى العرب كما لدى الغربيين ؛ يقول : 

« إن النظرية التفاعلية جعلتنا نتخلص من كثرة التقسيمات التي انتقدها البلاغيون العرب  أنفسهم  من مـثل : الإستعارة التصريحية و التبعية و الكنائية و التخييلية… إذ يمكن صياغة أي مفهوم إستعاري في استـعارة مفهومية مؤلفة من موضوع أول و موضوع ثان ، كما أن مفهوم التفاعل يجعلنا نتجاوز الإستعارة الجملية إلى دراستها في النص  ، بناء على توظيف مفاهيم المماثلة الجزئية و التعدية و شبه التضاد… «، المتن ،ص :61.  

          3-2 ) التــأطير : 

          في الفصل الثالث و الذي يعنونه الباحث ب " التأطير " يرى بأن الأصول الأرسطية و أصول الشجرة الفورفورية لا تزال متضمنة حتى في النظريات الحديثة ، فعند تقديمه لما سماه ب: " التحليل بالإطار " و الذي تندرج ضمنه مجموعة من النظريات 

يمكن تأطيرها جميعا في إطار " العلم المعرفي cognitive science  " ينتهي إلى أن هذه النظريات لم تتخلص كلية من الأرسطية و جذوع الشجرة الفورفورية . فإذا نحن وقفنا عند مثال من الأمثلة التي يتم تحليلها عادة في إطار ما يعرف بالشبكة الدلائليــــة 

و في تعليقه على هذا التحليل يقول محمد مفتاح :

«  ومن خلال هذه الصياغة يتبين لنا أن آليات التحديد نفسها هي التي تحكمت فيها : الجنس و النوع الذي    يصبح جنسا … والتضمن ، وتعقيم بعض العقد و تفريع أخرى .» ، المتن ، ص:67 .

إن إجرائية هذا التحليل لا تتأتى إلا بالتركيز على دور السياق ، خصوصا في مجال تحليل الإستعارة ، و هو ما يؤكد عليه الباحث هنا .

يحلل محمد مفتاح مجموعة من المفاهيم الإجرائية ، إلى جانب الشبكة الدلائلية ، و هي :الإطار ، المدونة ، السيناريوهات ، فكلها تقدم لنا عملية تنظيم بالمعرفة و تفسر طرق اكتسابها وكيفية استعمالها و طرق تأويلها ، أو تعكس التسبيب و الترابط و التعدية … 

و إذا كان الهدف من عقد هذا الفصل  هو تبين طريقة تحليل الإستعارة في ضوء " العلم المعرفي " ، فإن النماذج السابقة الذكر إنما هي آليات مما يوظفه هذا التحليل من بين الآليات التي تشكل خلفيته النظرية ، و التي يحاول الباحث على ضوئها تبيان أسس الإستعارة النصية ، أو العلاقات الجامعة بين أجزاء النص . يقول: 

« إن النص غالبا ما يسير في خط مستقيم معقدا ما انطلق منه و موضحا له و مفصلا لجزئياته … و لهذا فإن الإستعارة ضامنة لانسجام مكونات أجزاء النص بربط مفاهيمه و جمله و فقراته .» ، المتن ، ص :87 .  

و سنعود لتوضيح هذه الفكرة بالوقوف عند الفصل التطبيقي الذي يطبق فيه محمد مفتاح هذه التصورات على إحدى المناقب الصوفية . 

4-2 ) الـتـأويل : 

يتتبع محمد مفتاح تاريخ التأويل منذ بداياته الأولى إلى أحدث عهوده ، فإذا كان التأويل في العهد القديم قد نشأ عند بغية حل مسألة تناقض أو تنافر المعاني الحرفية لبعض الآيات للواقع الثقافي و اليومي ، فإن هذه النشأة قد رافقتها تحولات كثـيرة و تفرعت عنها تيارات يمكن تصنيفها في :

-        الإتجاه الذي يأخذ بالدلالة الحرفية . 

-        الإتجاه الذي يؤول الدلالة و يخضعها لمنطق العقل . 

-          الإتجاه التوفيقي الذي يوفق بين الدلالة الحرفية و بين تأويلها . 

و حينما ينطر الباحث بعد ذلك في  " التأويل في المجال الإسلامي " فإنه يرى أن نفس التيارات التأويلية هي نفسها ما يمكن العـثور عليه في المجال الإسلامي . فهناك ممثلون للنزعة الحرفية ( الحنابلة و الظاهرية ) ، و هناك مؤولون ( الزيدية و الإمامية الإثنــى عشر و الإسماعيلية و الخوارج بكل طوائفهم ، و الصوفية و المعتزلة و الفلاسفة ) ، كما لا يعدم وجود تيار وسط يحارب النزعتين معا و يحاول التوفيق بينهما و ضمنه بعض الأصوليين و السنيين كالمالكية و الشافعية و الحنفية ، و لايمكن لنا في هذا العرض المقتضب للمحتوى العام للكتاب أن نعرض ما يقدمه محمد مفتاح من تفاصيل حول هذه التيارات التي يؤكد أن كثيرا من خلفياتها قد تسربت إلى التأويل الحديث و المعاصر . 

          في تتبعه لمسيرة التأويل و تطوره يتوقف محمد مفتاح عند التأويل في التيارات الأنثروبولوجية و السيميائية ، و اجترارها للرهان القديم حول تقسيم معنى النص إلى ظاهر و باطن ، و ينتهي من عرضه للتيار التفكيكي و التأويلية الفلسفية (الهيرمينوطيقا) إلى النظر في بعض آراء من حاول إيجاد نظريات تركيبية تأخذ من كل هذه الإتجاهات ، و هنا يعرض إلى " أمبرتو إيكو " الذي سبق و أن قلنا سالفا بأن الباحث يتبني بعض آرائه ، و لعل تصور أمبرتو إيكو يتقارب مع التصور الذي يتبناه محمد مفتاح في هذا الكتاب ، من حيث إنهما يكادان يرتكزان على نفس المرجعية و خصوصا ما يأخذانه عن " وينريخ " ، يقول محمد مفتاح : 

« و قد ارتكز " أمبرتو إيكو " على التفرقة التي أتى بها " وينريخ " ، و هي : الإستعارة الصغيرة هي استعارة الجملة و استعارة السياق هي مجموع الإستعارات الواردة في النص المكونة لخطاب تمثيلي . و أما استعارة النص فهي تلك القاعدة الإيديولوجية لمجتمع من المجتمعات المدلول عليها بالإستعارة السياقية.»  المتن ، ص :107 . 

إلا أنه إذا كان أمبرتو إيكو يهتدي من خلال هذا التصور إلى المفاهيم الأساسية التالية : الإستعارة و التمثيل و الرمز على اعتبار أن الرمز هو ما يتحكم في استعارة النص و يوجه تأويلها ، فإن محمد مفتاح يتبنى – على خلاف ذلك – مفهوم " التمثيل " و يشتغل به . 

5-2) التظهـير :

في الفصل الخامس من هذا الكتاب يقدم محمد مفتاح – بناء على ما تقدم – تطبيقا لتصـوره على منقبة أبي زكـرياء  يحيى بن لا الأذى الرجراجي ، الواردة ضمن كتاب :التشوف الى رجال التصوف ، لابن الزيات ، وهو ما سنعرض له بعد أن 

نقف بشكل سريع على مرجعية الباحث و منهجه في الكتاب . 

  -3المرجعية و المنهج : 

لقد قدم محمد مفتاح خلال أزيد من عقدين من الزمن مشروعا متكاملا ، منذ أن بدأ الكتابة في أواخر السبعينات في بعض المجلات إلى إصدار لكتاب: " المفاهيم معالم " ( 6 ) و الذي لن يعتبر الأخير بدون شك . و قد شكلت رسالته الجامعية حول الخطاب الصوفي النواة الرئيسية لكل أبحاثه ، ثم توالت كتاباته يولد بعضها من رحم بعض ؛ يكمله و يضيف إليه . 

          و لقد درج الباحث في كل كتاباته على أن يقسم الدراسة إلى قسمين : نظري ثم تطبيقي ، إيمانا منه بلا جدوى تقديم النظريات و المفاهيم إذا لم يُستدل على إجرائيتها و فاعليتها عن طريق تجريبها و تقديم طريقة ملموسة لاستثمارها ، يقول : 

« و إذا أردنا إثبات العكس أي جوهرية ما كتبنا و شمولية النطرية فلنقدم نظرية طريقة ملموسة و عملا مجسما . « ، المتن ن ص :85 .

إن محمد مفتاح ، برغم الوضوح الذي تبدو عليه كتاباته ، يتوجه  إلى قارئ مختص متمكن ، مطلع على النظريات و ملم بكل قضاياها ، فهو يصرح غير ما مرة بأنه يترك عرض تفاصيل النظرية إلى الكتب التعليمية أو الشارحة . و هكذا نلفيه مكثرا مـن  الإحالات على جملة من النظريات في مصادرها الأصلية ، خصوصا منها ذات الأصل الأنجلوساكسوني ، إذ يحيل مثلا في فقرة واحدة على العديد من النظريات و المفاهيم كقوله :

          « لقد أسهمت عدة نظريات كالكارثية " catastrophic théory " بمفاهيم التشعب "bifurcation cuspand " و الذكاء الإصطناعي ب : الأطر frame théory ، و المدونات stript  ، و بصراع الخطاطات schema cnflict، و الدلائلية بالتشاكل isotepy … « ، المتن ، ص: 61 .

و لاندعي في هذا المقام المتواضع الإلمام بكل ما يقدمه الباحث ، و سنحاول فيما يلي أن نقف على المنهج الذي ركبه من أجل دراسة الإستعارة .

لقد نُظِر إلى الإستعارة منذ ما قدمه أرسطو على أنها قائمة في الكلمة المعجمية الواحدة ، فهي استمال لكلمة مجازية مكان لفظة حقيقية لعلاقة المشابهة ، أو هي: استعمال اللفظ لغير ما وضع له في أصل اللغة كما جاء في تعاريف أغلب قدامى البلاغيين العرب ؛ « هكذا يبدو قيام الإستعارة لدى أرسطو ، على المحور الإستبدالي للغة ، فهي تتعلق بكلمة معجمية واحدة ( لها معنيان : حقيقي و مجازي ) … إنها تقوم على مبدإ الإختيار و الإنتقاء ، و ليس على مبدإ التوزيع و التأليف .» (7) و قد نُظر إلى الإستعارة ، انطلاقا من نفس الرؤية على أنها مقصورة على الخطابين الشعري و الخطابي دون غيرهما .

                        كثيرة هي الدراسات التي حاولت تصحيح هذه الرؤية ، لدى العرب * كما لدى الغربيين ، و محمد مفتاح الذي اعتبر بهذا من مجددي النظر في الإستعارة ، يحاول تفنيد هذه الرؤية و تصحيحها ، فلا الإستعارة حكر على الشعري و الخطابي ، و لا هي متعلقة بالكلمة الواحدة . إن الإستعارة تغزو كل مجالات حياتنا ؛ فمن بين ما نحيا به : هي . إنها « لا تكتسح لغتنا فحسب ، بل نسقنا التصوري بأكمله « (8 ) . أخذا بوجهة النظر هاته ؛ يتبنى محمد مفتاح النظرية التفاعلية ، 

يقول :

« و قد تبنينا نظرية ملائمة جعلتنا نتجاوز العوائق الإبستمولوجية التي تحول دون الوصول إلى هدفنا.و كانت النظرية هي التفاعلية لشموليتها و بساطتها ، فهي شاملة من حيث إنها جعلتنا نستطيع تجاوز الإبستمولوجية الأرسطية الوضعية التي اهتمت بتحليل الكائنات الطبيعية و المفاهيم اعتمادا على مكوناتها الملاصقة ، و جعلتنا – بدلا من ذلك – نتبنى التحليل بالمقومات السياقية المستقاة من تفاعل المفاهيم و مساق الخطاب و سياقه ضمن بنية شاملة . «  المتن ،ص :9 .

          لعل الجوهر الذي تقوم عليه النظرية التفاعلية ، منذ أن أرسى بعض أسسها العالم : أ. ريتشاردز A. RICHARDS  في كتابه : Philosophy of rhetorics ،الصادر عام 1966 ، هو أنه ليس للكلمة معنى في ذاتها ، و إنما يتحدد هذا المعنى انطلاقا من سياق الكلام . « ليس للكلمة معنى في ذاتها ؛ إنه لا ينبثق من اللغة ، بل من الخطاب ، يعني من الوضعية التي يتحقق فيها الكلام ، و التي يمارس فيها السياق دورا مهيمنا . و هذا يقود إلى أنه ليس للمفهوم معنى قار و ثابت (معنى حقيقي  [ بل ] على العكس من ذلك ، تحيل الكلمة على معان متعددة بحسب السياق … « (9) .

          لهذه الإعتبارات رأينا خلال عرضنا لمحتوى الكتاب مدى تركيز محمد مفتاح على السياق و اعتباره له مكونا أساسيا من مكونات العملية التواصلية . و من مرجعياته في هذا المجال اعتماده على ما قدمه أصحاب النظرية المعرفية بشكل عام ، و خصوصا "مارك جونسون " و " جورج لايكوف " في كتابهما :METAPHORS WE LIVE BY  ، الذي صدرت له ترجمة إلى اللغـة  العربية بعنوان : الإستعارات التي نحيا بها [ انظر الهامش رقم (8 ) ] و ذلك بعد صدور كتاب مجهول البيان بست سنوات ، و في تأكيده على دور النظرية التفاعلية ؛ يقول الباحث : 

« بيد أن النظريات التفاعلية هي السائدة الآن لأسباب عديدة منها التطورات العلمية المحضة ، و التغيرات التي لحقت ، تبعا لذلك ، مناهج العلوم الإنسانية و الأدبية ، و بحسب هذه النظرية " فإن الإستعارات وسـائل مفهومية للإدراك ، أو لخلق الواقع و ليست مجرد وصف له . « ، المتن ، ص: 49/48 . 

و سنقف فيما يلي على الطريقة التي استثمر بها الباحث هذه النظرية لكي يحلل نصا ، من نصوص المناقب التي درج على تحليلها في جل ما قدمه من دراسات .

4 – من استعارة الجملة إلى استعارة السياق : 

لقد دأب محمد مفتاح في كل مؤلفاته على أن يجمع بين النظرية و التطبيق ، فما يقدمه من تطبيقات إنما يبرر بها عروضه النظرية و لجوءه إلى تلك النطريات و إعادة تركيبه لمناهج انطلاقا منها … و الجزء التطبيقي في كتاب مجهول البيان أقل حجما من كل التطبيقات التي قدمها محمد مفتاح في باقي كتبه بدءاً من كتلب : في سيمياء الشعر القديم ، إلى كتاب : المفاهيم معالـــم . إلا أن الأمر ، إذا ما وعينا قصد الباحث ، عكسُ ذلك ، فما يمكن أن يتبع النظريات و المنهج الذي ركبه الباحث في الكتاب المعروض ، من تطبيقات ، لا يسعه كتاب كمجهول البيان ، و إنما يحتاج لوقفة متأنية ، و هو ما فعله في كتابه : التلقي و التأويل الذي يعتــــبره جزءا ثانيا ؛ يقول : 

« على أننا لم نجعل لها خاتمة [ فصول الكتاب ] لاعتبارنا أن هذه المقترحات المقدمة ليست إلا خطاطة أوليـة ينقصها التحليل الإبستمولوجي و التأريخي الدقيقين للمؤلفات البلاغية العربية القديمة حتى يضبط وقت بروز المفاهيم و الإشكالات و الحلول ، كما أن هذا التحليل يجب أن يشمل النظريات الأجنبية أيضا ، و تعوزها الإختبارات الدقيقة على أساس نصوص منسجمة ليمكن تعديلها أو إغناؤها . و هذا ما سنقوم به فـي الجزء الثاني . « ، المتن ، ص :10 . 

إن الجزء الثاني الذي يتحدث عنه الباحث هو كتاب : التلقي و التأويل* ، و لا نرى بأسا في عرضنا لهذا الفصل التطبيقي من الكتاب أن نقدم الترجمة – المنقبة التي يحللها محمد مفتاح ، و هي متعلقة بأبي زكرياء يحي بن لا الأذى الرجراجي ، و تقول: 

« من أهل بلد ونكيلة بوادي شفشاون ، قديم الوفاة . و كان قد رحل إلى المشرق رحلته التي حج فيها . و كـان عبدا صالحا مجاب الدعوة . حدثوا عنه أنه أخذ ذات يوم منجله لقطع شجر السدر .فبينما هو يقطعه إذ صـادف رجل قنفذ فكسرها، فآلمه ذلك . و قال : اسمي يحي بن لا الأذى ، فإذا أنا يحي بن الأذى ، أوذي خلــــق الله ؟ فأخذ القنفذ فربط رجله بجبائر و أدخله في خابية فكان يسقيه الماء و يطعمه التين و الزبيب إلى أن انجبر فذهب . « ،[ ابن الزيات . التشوف إلى رجال التصوف و أخبار أبي العباس السبتي ، تحقيق : د. أحمـــــد التوفيق ، 1984  ص:85.] ،نقلا عن المتن ، ص: 116 . 

هذه هي المنقبة التي يحللها الباحث ، فورود هذه الترجمة في كتاب للمناقب و دلالتها الحرفية الظاهرة ، أمر قابل للنقاش ، و يقصد الباحث بورودها في كتاب للمناقب : سياق  ورودها الذي يجعلها تنطوي على دلالة مضمرة باطنة ، يقول الباحث : 

« إن الترجمة التي بين أيدينا هي ضمن كتاب في المناقب ، و كتب المناقب وجه ثان لكتب التراجم و الطبقات . و معنى هذا أنها تجمع بين الواقع ة الممكن . فقد تعبر بالواقع ، أو تأتي باللاواقع أو الممكن ، و لكن مهـما اختلفت نقطة الانطلاق ، فإن الغاية المتوخاة في مثل هذه الكتب هي عالم الإمكان . « ، المتن ،ص :118 .

لتحليل هذه الترجمة – المنقبة ، يتبنى محمد مفتاح مفهوم التفاعل La synergie ، أو " شبه التضاد " أي أن يكون الشيء كشيء آخر و لكنه مناقض له في نفس الوقت . فالصوفي ، مثلا ، في ظل هذه المقاربة يمكن نعته بأنه إنسان عادي و ليس عاديا في نفس الوقت ، نبي و ليس نبيا ، شبه إلاه و ليس إلاه . 

و انطلاقا من تحليله لاسم المترجَم له في المنقبة ( أبو زكرياء يحي بن لا الأذى ) ينتهي إلى بعض صفاته ، فهو مُحيٍ و غير مُؤذٍ ، و عمله الإيذاء و الإحياء . 

و إذا كانت المنقبة تستحضر بعض مقومات الموت إلى جانب مقومات الحياة ، فإنما هي تمطيط لاسم صاحب الترجمة (يحي … بن لا الأذى ) الذي يضمر مقومات مضادة لما يظهره كمقومات " الموت " كما يقول الباحث . و المترجَم له و الترجمة ،من جهـــة ثانية ، يحكمهما نفس السياق . 

إن ما ينتهي إليه محمد مفتاح بعد كشف ترابطات هذا النص – المنقبة ، و علاقات التعدي التي تطبع جمله و كلمــــاته ، هو كشفه لعالم الإمكان الذي تحيل عليه هذه المنقبة . لذلك اعتبرها مشبها به أو موضوعا ثانيا ، و اعتبر عالم الإمكان مشبها أو موضوعا أولا . و لكي يتم الإنتقال إلى استعارة النص كان لا بد من المرور باستعارة الجملة التي وقف فيها الباحث على الاستعارات الآتية :

- الصوفي إلاه 

- الصوفي نبي 

- القنفذ إنسان 

- المنجل معصية 

- شجر السدر شعر العانة 

- الماء و التين و الزبيب أنواع العبادات 

- الخابية خلوة العبادة 

- الجبائر هي المواعظ 

و لا يسعنا في هذا المقام أن نقدم كل التحليلات التي قدمها الباحث لهذه الاستعارات ، و لكننا سنقدم تفريعه لمقومات اثنتين منها:

- الصوفي نبي أو إلاه :

أ‌)      الصوفي :[ + الإطـــعـــــــام و الإســـــــــقاء ] ؛        ب) نبي أو إلاه :[ +رد الجوارح التي تفقد ]،[+إبــــراء

                [ + تجبير الكسر ]،[ +إشفاء المرض ]                                  الأكمه و الأبرص ]، [+ إحياء الموتى ] ،

                                                                              [ +الإطعام و السقي ] .

- المنجل معصية :

أ‌)      المنجل : [+ أداة ] ، [+ حادة ] ،[+للقــــطع ] ؛    ب) معصية : [+ فعل ] ، [+ مؤذ ] ، [+ محدث ضــررا في

                  [ +مؤذية ] ، [+ تســـــــــيل الدم ] ،                          العمل الصالح ] ، [+ناتج عن أي عمل                                                                                                        مخالف للشريعة ] ،[+ تحدث ثغرة في 

                                                                                                الجسم و في غيره ]. 



إننا الآن أمام سلسلة من الاستعارات التي تفرعت عن استعارة نواة ( الصوفي نبي أو إلاه ) ، و هذه العملية هي ما يسـمى بالاستعارة النصية التي منها ينطلق الباحث إلى تحليل استعارة السياق ؛ و تعني :

        « مجموعة الاستعارات المتضام بعضها إلى بعض التي توازي الخلفية الثقافية و الإجتماعية « المتن،ص:130 

و يدعو الباحث هذه الاستعارة أيضا بالتمثيل ، و لفهم هذه الاستعارة التي يقصد إليها يجب أن نستحضر السياق العام (الثقافي والإجتماعي ) الذي يحيل عليه النص ، إنه  " عالم الصوفي " . 

إنه العالم الذي خول لمحمد مفتاح أن يؤول المنجل بالمعصية ، و شجر السدر بالعانة … إن مسألة الجنس – الغريــزة – مسألة ذات حساسية خاصة في عالم الصوفية ، و الحفاظ على النوع البشري أكثر منها حساسية ؛ لذلك كـــــان على ابن لا الأذى ألا يؤذي خلق الله .            

                                                                            لكبيرالشميطي 

المتن و الهوامش :

-        المتن: محمد مفتاح . مجهول البيان ، دار توبقال ، ط.(1990) 1..

-        الهوامش :

( 1 ) Introduction de Michel Meyer, in : ARISTOTE. Rhéttorique,Le livre de poche , Librairie Générale Française , (1991) ,p. 5. 

(2 ) محمد الولي ." من بلاغة الحجاج إلى بلاغة المحسنات " ،مجلة: فكر و نقد ، عدد8 : ،السنة  (1998) :  ص،137 

( 3 ) محمد العمري . " البلاغة العامة و البلاغة المعممة " ،مجلة فكر و نقد ،ع .25 ،س .2000 . ص.65 .

( 4 ) طه عبد الرحمن .اللسان و الميزان –أو التكوثر العقلي ،المركز الثقافي العربي ،ط .1 ،(1998) ،ص.296 .

( 5 ) محمد الولي ، نفسه ، ص.129.

( 6 ) محمد مفتاح . المفاهيم معالم ، المركز الثقافي العربي ، ط. (1999)1.

( 7 ) عمر أوكان . " أرسطو و الإستعارة " ، مجلة :فكر و نقد ، ع.17 ،س.1999 ،ص.110 .

( 8 ) جورج لايكوف و مارك جونسون .الإستعارات التي نحيا بها ، ترجمة : عبد الحميد جحفة ، دار توبقال ،

                                                                                      ط.1 (1996) ص.201 .

( 9 ) POUILLOX Jean-Yves . " La métaphore “, in :Encyclopédia universalis , vol.15 , .                                                                                        p :186a  
 مرات القراءة: 3262 - التعليقات: 0

أرسطو : حول الاستعارة



 
أرسطو : حول الاستعارة

ر وي هاريس Roy Harris 
تالبوت جي تايلور Talbot J. Taylor
ترجمة: أ. باقر جاسم محمد

" تكمن الاستعارة في إعطاء الشيء اسما يعود على شيء آخر، والتحويل قد يكون من الجنس (genius) للنوع (species) أو من النوع للجنس، أو من النوع للنوع أو على أسس من القياس. "
(فن الشعر 21)

إن مفهوم أرسطو للاستعارة قد أرسي بوضوح على أساس من مفهوم سقراط للأسماء. فالاسم إنما هو كلمة (تعود على) شيء ما أو شخص ما. والمناظرة التي أدارها سقراط في محاورة أرسطو (كراتيلوس) إنما هي مناظرة حول كيف أن الأسماء تعود على الأشياء و "الأشخاص" و"الأفعال" و"الخصائص" ...الخ التي ترتبط بها على نحو لا انفصال فيه (استنادا إلى كراتيلوس، فإن الأسماء تختص بالطبيعة بماهيتها وما ترتبط به، بينما يذهب هيرموجينز إلى أن الأسماء تختص بالاصطلاح والتقليد وحسب.) وتعريف أرسطو للاستعارة يحاذي هذه المسألة الخلافية، ثم يرسي المضمون بتعريف الاستعارة على أنها تحويل الاسم إلى شيء لم يكن مختصا به. وهذا التعريف لا يكاد ينجز دلالة ما بدون افتراض سقراط أن الأسماء قادرة (إما بالطبيعة أو بالاصطلاح) أن تختص بشيء أو آخر في المقام الأول. وعلى هذا النحو فإن الاستعارة يتم تشخيصها في الحال على أنها حالة ((استثنائية) تنطوي على انتهاك أو إبطال للرابطة المتبادلة المعيارية التي تحكم الاستعمال العادي للكلمات [1] ومن المهم ملاحظة أن أرسطو يناقش الاستعارة بوصفها خصيصة من خصائص الشعر ، وكما لو كانت ليست جزءا من اللغة العادية. إن الأسباب الكامنة في معالجة أرسطو للاستعارة بهذه الطريقة ترتبط بشكل وثيق بفلسفته للغة التي تختلف في جوانب حاسمة عن فلسفة أفلاطون.
إن أرسطو (384-322 ق.م) هو الأكثر تميزا من تلاميذ أفلاطون . وقد كان ابنا لطبيب وعلى الأرجح بدأ بدراسة الطب. وإذا كان الأمر كذلك فإن هذا يوضح على نحو جيد، إلى حد ما، الاختلاف المميز بين فلسفته وفلسفة أفلاطون: فالتشديد الأعظم لديه هو على موضوعات وتفاصيل معينة، وتفضيل الحلول العملية، والاعتماد على الملاحظة التجريبية. (لا شيء عند أفلاطون ، مثلا، يجاري الوصف الدقيق والمفصل الذي قدمه أرسطو في كتابه (تاريخ الحيوان) (Historia animalium) حيث أورد وصفا يتابع التطور الجنيني لفرخ الدجاج في البيضة يوما بعد يوم في طور الحضانة) إن هذه الخصائص الواقعية، فضلا عن أفق معرفته الموسوعي، ربما توضح من ناحية أخرى لم قد اختير أرسطو من قبل فيليب المقدوني لتربية ابنه الذي سيعرف مستقبلا باسم الاسكندر الأكبر. و في العام 335 ق.م عاد أرسطو إلى أثينا وافتتح مدرسته الخاصة في الليسيوم وقام بالتدريس هناك لمدة اثني عشر عاما.
وقد اعتبره خصوم الاسكندر السياسيون الناصح المخلص للفاتح على الرغم من أن العلاقات بين الرجلين لم تكن سهلة قط. ولقد لوحظ أن الاسكندر حقق نجاحا أعظم مع بوسفالوس( حصانه غير المروض الذي نال شهرة واسعة ) من ذلك النجاح الذي حققه أرسطو مع الاسكندر . و على أية حال ، فعندما توفي الاسكندر في العام 323 ق.م. ، لم يعد بمستطاع أرسطو أن يعتمد على الحماية السياسية وتقاعد بحصافة. و مات في العام اللاحق، وهناك احتمال أن ذلك تم على يده هو نفسه. ولقد عاشت أعماله بشكل أقل إقناعا من تلك التي أنجزها أفلاطون. وهي أعمال يعتورها النقص الظاهر الملحوظ. وهي ملغزة بكثير من المشكلات النصية. و لقد كان هنالك اقتراح أن ما بقي حيا أنما هو، ببساطة، نسخة من الملاحظات التي دونها طلابه على محاضراته. و لكن ذلك لم يمنع من الإقرار (المزعوم) لأرسطو بأنه يحوز سلطة مهيبة في الفلسفة الغربية لمدة ألف عام أو يزيد.
إن موقف نظرية أرسطو الأساسية حول اللغة واضح بما فيه الكفاية.
(( الكلمات المنطوقة إنما هي رموز أو علامات لعواطف وانفعالات النفس، أما الكلمات المكتوبة فهي علامات تدل على الكلمات المنطوقة. و كما هو حال الكتابة، فأن الكلام ليس متماثلا لدى جميع البشر. ولكن تلك العواطف و المشاعر العقلية نفسها، التي تكون هذه العلامات دلالات أساسية عليها، إنما هي متماثلة للجنس البشري جميعه، كما هو الحال كذلك مع الأشياء التي تكون هذه المشاعر والعواطف تمثيلات أو متشابهات أو صور أو نسخ لها )) 
(الشرح 1)
إن من الصعب أن يقدم المرء خلاصة أكثر اختصارا ولكن في الوقت نفسه أكثر جلاء ووضوحا لنظرية شاملة للغة من هذا التصريح الذي يرد في بداية (الشرح) تماما، ويعتذر أرسطو للاختصار الشديد للتصريح قائلا أنه قد تناول هذه القضايا سابقا. "وفي بحثي الذي يتعلق بالنفس"، فماذا كان المقصود بذلك (De Anima) ، فإن كل ما يستطيع المرء قوله هو أن النص كما وصلنا عبر القرون لا يحتوي مناقشة مثل هذه. و كذلك أن أيا من أعمال أرسطو التي قد بقيت لم يكن قد كرس على نحو واضح للغة في حد ذاتها.
إن هذه الثغرة الواضحة تستدعي تعليقا. في الحقيقة لكي نعدها ثغرة حقا يعني أننا يجب أن نراجع حالا الفكر الأرسطي من خلال المنظورات الحديثة. و النقطة الأولى التي يجب أن ندركها أن أرسطو إنما يقدم حقا ما يراه من تحليل مفصل لكيفية عمل اللغة، ولكن هذا التحليل هو ما ندعوه الآن بـ" المنطق" . فاللغة بالنسبة لأرسطو إنما هي ببساطة مظهر للوغوس (logos) الذي هو القدرة العقلية المميزة التي تجعل من الإنسان (حيوانا عاقلا) . أما أولئك الذين يتفجعون على الفقدان المزعوم لبحث أرسطي كامل حول اللغة فهم في الأغلب المؤكد إنما يندبون اختفاء شيء لم يكن له وجود قط.
وهذا ينشئ معنى جيدا ومتكاملا حالما ندرك أن أرسطو، خلافا لأفلاطون، قد كان اصطلاحيا متشددا فيما يتعلق بالكلمات. فهو لم يكن يعتقد بالتعاليم الأفلاطونية أو "الأشكال" ، "الأفكار"] المثل [الخالدة التي هي أساسية في الفكر والكلام الإنساني . فهو يعتقد أنه ليس ثمة وجود للون "أحمر" علاوة على الأشياء الحمر التي تستطيع عيوننا أن تبصرها، وأنه لا وجود لنموذج أعلى لـ "الحصان" وإنما فقط أحصنة محددة بأعيانها. وهذا يستتبع أن الكثير من النقاشات التي كان قد سمعها بوصفه تلميذا في أكاديمية أفلاطون قد صدمته (ما لم يكن في تلك المرحلة من عمله مازال تحت تأثير أفلاطون إلى حد بعيد) بوصفها مناظرات تافهة تماما حول تجريدات لا قيمة لها. فهو كان قد تعلم من والده الطبيب أن النظرية شيء فسيح جدا، ولكن في الحياة الواقعية فإن الصحة والمرض فقط هي ما يؤثر في حياة الناس بوصفهم أشخاصا معينين. وأن الأمراض التي يجب أن تعالج تحدث في حالات فردية معينة. والطب في نهاية المطاف يدور حول الحالات المحددة وليس حول التعميمات. قد تكون التعميمات حقا مفيدة ولكن الاختبار النهائي لمقدار فائدتها إنما هو تطبيقها على أمثلة معينة.
إذا كان هذا تقويما عادلا للمزاج العقلي عند أرسطو، فإن بمستطاع المرء أن يفترض أن نمط التأملات الباحثة في أصول الألفاظ التي شغلت الجزء الأكبر من عمل أفلاطون (كراتيلوس) قد عدت من قبل أرسطو أمورا غير ذات صلة لأي فهم عام للغة يمكن أن تكون له فائدة ما على الإطلاق . فإذا ما جادل شخص أن سقراط قد أدين وحكم عليه بالموت فإن ما يهم ليس أصل اسم (سقراط) أو أن والديه قد منحاه الاسم الصحيح، ولكن كيف وصل الأمر إلى أن سقراط يجب أن يموت. وسواء أخذنا بنظر الاعتبار وجهة نظر الرجل المدان، أو وجهة نظر الأشخاص الذين اتهموه حول الاسم الذي أعطي لسقراط عند الولادة، فإن ذلك لن يؤدي إلى أدنى درجة من الاختلاف.فلم يجادل أي شخص قط فيما إذا كان ذنب سقراط أو براءته لهما أية علاقة في كونه يدعى سقراط. وسيظل الحكم بإدانته قائما مهما كان اسمه. إن هذا الاتجاه الفكري يؤدي بوضوح إلى اصطلاحية السنية تختلف على نحو دقيق عن الاصطلاحية التي دافع عنها هيرموجينز في محاورة أفلاطون.
إن الاختلاف المنوه عنه أعلاه ذو وجهين: فعلى أحد المستويات، فإنه يتجاهل شروط المناظرة بين كراتيلوس وهيرموجينز كافة. لأن المسألة لم تعد فيما إذا كانت صحة الاسم تتحدد بوساطة الطبيعة أو القرار الإنساني لأن ذلك لن يحدث فرقا. و من ناحية ثانية، وعلى المستوى الآخر فإن مسألة مستوى صحة السماء تعود إلى الظهور بوصفها قضية حول هوية الفرد أو الأفراد الذين تمت تسميتهم على هذا النحو. إن ما يهم، فيما يتعلق بإدانة سقراط، هو أن الاسم "سقراط" لا يجب أن يسبب مشكلة حول الهوية المغلوطة. فالشخص الذي يشرب كامل شراب الشوكران[2] في نهاية المطاف يجب أن يكون "نفسه" الذي أدين في المحكمة. وفي هذه النقطة بالذات تفترق اصطلاحية أرسطو عن اصطلاحية هيرموجينز.
إن كل ما يهم أرسطو أنه بطريقة ما يجب أن يكون هنالك توكيد أن الاسم "سقراط" يحدد هوية الذات الفردية نفسها في مناسبتين: الفرد الذي أدين والفرد الذي شرب السم نتيجة لذلك لأننا فقط حينئذ نستطيع أن نقول حقا: " لقد حكم على سقراط بالموت ثم أعدم" . وإذا لم نستطع أن ننشئ تلك العبارة الحقيقية فاللغة تنهار أو أن ينهار فهمنا لما قد قيل (الذي يرقى إلى الأمر نفسه). وهكذا فمن وجهة نظر أرسطية ، فإن هذه هي أول مسألة حول اللغة. وهي لا علاقة لها بأصول الألفاظ أو قرابتها من الطبيعة . كما أنها غير ذات علاقة بتحديد أنه بمعنى ما فإن الشخص المدعو سقراط الذي أدين هو سقراط آخر مختلف عن ذلك الذي شرب الشوكران (فالأخير أكبر عمرا من الأول، وربما كان رجلا أكثر حكمة أيضا). وفي هذه الصيغة المفترضة للمسألة، ليس ثمة مجال ببساطة لمناظرة هيرموجينز القائلة بأن الاسم يمكن أن يغير اختياريا بوساطة نزوة فردية. فقد كان يمكن أن يستفيد سقراط ، لا شيء سوى ، محاولة التملص من الحكم بالموت بوساطة تغير اسمه.
و بناء على ما سبق، فإن علينا أولا أن نفهم ما يضمن ثبات الاسم. و هذا ما يجب أن يكون ثباتا منيعا لا يتأثر بأهواء الفرد ونزواته حول تغيير الاسم. فالأصل في هذا الثبات، بالنسبة لأرسطو، هو – ولا يمكن أن يكون شيئا آخر سوى- التقليد: ولكن التقليد لا يفهم هنا على أنه قرار اعتباطي بتبني اسم دون آخر، ولكن بوصفه جزءا من صيرورة اجتماعية متطورة ومتنامية بكل قوتها وزخمها الخاصين. إنه زخم هذه الصيرورة الاجتماعية الذي يعطي في النهاية الوثوق بأن الرجل الذي شرب الشوكران هو الرجل الذي سبقت إدانته، وفي الوقت نفسه، فإنهما يمثلان الرجل المدعو سقراط. وإذا ما كان هنالك إخفاق للعدالة، فإن ذلك ليس بسبب شخص سقراط المغلوط، الذي مات، أو أن اللغة قد برهنت على عدم دقتها بأية طريقة أخرى في مساعدة الصيرورة الاجتماعية التي بدأت باللذين اتهموا سقراط . إن ذلك، بالنسبة لما يشغل أرسطو هو الآلية (mechanism) اللسانية التي نحتاجها للفهم . لأن ذلك، في الأقل أمر واقعي، بالمعنى العادي السائد هنا والآن للواقعية. وأي تعميم حول اللغة الذي يمكن أن يساعدنا في فهم هذه الآلية هو ليس تجريدا تكتنفه الأوهام، لأنه يحشد كل طاقاته لإيضاح المصير المحدد لذوات فردية بأعيانها مثل سقراط. 
و إذا كانت عملية إعادة بناء تفكير أرسطو حول الأسماء هذه صحيحة إلى هذا الحد، فإنها قد تبدو غير ذات أصالة عميقة، ولكنها معنى شائع وبسيط لنمط أكثر اعتيادية. ولكننا يجب أن نحذر هنا من معاملة أرسطو باللاعدالة مرتين: في المقام الأول فإن ما يبدو لنا الآن مجرد معنى شائع إنما هو بلا شك كذلك في جانب منه لأن وجهة النظر الأرسطية للغة مندمجة ومتصلة ومتجذرة في التقاليد التعليمية الغربية التي شكلت افتراضاتنا الخاصة حوا ماهية المعنى اللساني الشائع، وإن رفض أرسطو لكونه مصدرا لوجهات النظر المبتذلة حول اللغة سيؤدي لأن نرتكب خطأ من الدرجة نفسها حين نتهم نيوتن بإنشاء أغنية ورقصة حول مبدأ الجاذبية الواضح لكل ريفي ساذج نال ضربة على رأسه من تفاحة ساقطة. وفي المقام الثاني، فإن أرسطو قد لاحظ رابطة تتضمن ثبات الأسماء وهو ما لم يلحظه مفكر سابق له، لقد رأى أن الضمانة التي تكفل أن حامل الاسم" سقراط " هو نفسه الشخص المدان بالإعدام وهو نفسه الشخص الذي شرب لاحقا الشوكران، و هي في الوقت عينه الضمانة التي تذيل صحة القياس المنطقي:
كل إنسان فان
سقراط فان
إذن سقراط إنسان 
إن إدراك هذه الرابطة هو الأساس الذي أرسي عليه المنطق الأرسطي.
فالقياس المنطقي لا يعمل ما لم يكن سقراط المذكور في المقدمة الصغرى متطابق مع سقراط المذكور في النتيجة. فإذا كانا مختلفين فأن النتيجة باطلة. وعلى هذا النحو فإن الإدراك العقلي الإنساني يتطلب ثباتا مستقرا للأسماء الذي، في الأقل، لا ينهار بين سطر من القياس المنطقي وما يليه، لذلك فإن الاصطلاح الذي يكفل هذه الاستمرارية ليس هو "مجرد" عادة اجتماعية من مثل اتخاذ أسلوب محدد في الملبس أو اتباع دورة محددة من أيام الأعياد السنوية. إن اصطلاحات التسمية وثباتها واستقرارها ضرورة، إذ ما أريد للغة أن تكون تعبيرا عن اللوغوس والسلوك اللفظي البشري يجب أن يكون مختصا بكائن عاقل.
تصوّر أرسطو المنطق بوصفه وسيلة أو آلة تستخدم في كل فروع المعرفة البشرية، ومن ثم فإنها تأخذ أولوية على كل الحقول البحثية الأكثر تخصصا. إن هذه الرؤية للمنطق ، بوصفه أساسا محايدا وصالحا لكل الأغراض وشائعة في كل الأبحاث العقلية ، قد انتقلت إلى التقاليد التعليمية الغربية وقد انعكست في المكانة التي تعزى إلى المنطق في المقررات الدراسية العامة في الجامعات الأوربية. و في هذا المجال، يجب أن يحظى أرسطو ليس بشرف كونه أول فيلسوف يقوم بوضع الأسس المنهجية لعمليات التفكير الإنساني فحسب، ولكن أيضا، وبعمله هذا، لوضعه الخطط الأساسية للصرح الكامل للتعليم العالي في العالم الغربي. وما يهمنا هنا، على أية حال، هو ببساطة أن نتتبع التضمينات الألسنية لمكانة أرسطو الفكرية.
لقد كان الإغريقيون واعين تماما أن لغات مختلفة يجري التحدث بها في مختلف أرجاء العالم وأن اللغات تلك كانت تتغير تدريجيا عبر الزمن. ولكن ما يستتبع منطقيا من الاصطلاحية الأرسطية أنه ليس هناك الكثير مما يمكن الحصول عليه بوساطة دراسة الاختلاف اللغوي جغرافيا أو تاريخيا؛ إذ مهما كانت الأعراف التي ربما يتم اعتمادها بوساطة الجماعات المختلفة في مختلف الأزمان والأمكنة، فإن هذه الأعراف جميعا تخدم الأهداف نفسها تماما، وهي أن تعطينا الأساس لنطق و تلفظ الفكر العقلاني، وهي ، في الوقت عينه، أداة للتعبير عن تواصل الفكر الذي سيكون مدركا من أولئك الذين يشاركوننا الأعراف اللفظية ذاتها. وبهذا المعنى، فإنه ليس ثمة من أهمية أن الكلمة الإغريقية التي تعني " حصان" في الإغريقية القديمة أكثر مما يشكله من أهمية فيما إذا كان هيرموجينز يدعى هيرموجينز أو أي اسم آخر مختلف تماما. إن الشيء المهم ليس هو الأصوات، أو الحروف، التي يتألف منها الاسم، ولكنه الصلة بين الاسم وما يمثله. فالاختلاف بين الكلمة الإغريقية والكلمة الفارسية للحصان هي تماما مكافئة للحقيقة القائلة بأن ابن هكتور يدعى أحيانا "أسترياناكس" وأحيانا سكماندريوس. ولكن ابن هيكتور هو الشخص نفسه بصرف النظر عن أي من الأسماء يستعمل للإشارة إليه في أية حالة. وفي الواقع فإن المنطق الأرسطي إنما هو محاولة للبحث في اللغة ببساطة عبر تجريد الاختلافات اللفظية التي تفصل لغة عن أخرى. 
إن اللغات المستقلة (مثل الإغريقية) تبرز إذن في المنظور الأرسطي على أنها أساسا رموز وتسميات، مجموعات من الأسماء التي يمكن بوساطتها أن يتم تحديد هوية مختلف الأشخاص، الأماكن ، والحيوانات والأجناس والخصائص والمزايا... الخ. وكذلك لقول شيء ما حولها. ولهذا الغرض فإن اسما واحدا يكون جيدا بمقدار أي اسم آخر بشرط أن يكون كل شخص واضحا حول كل اسم وما يمثله. فالاسم نفسه لا يترتب عليه أية نتائج: وأن أرسطو سيتفق بلا شك مع شكسبير بأن الزهرة ستظل تصوغ بذات العطر حتى ولو أسميناها بأي اسم آخر. وإذا ما كان ثمة أي شيء آخر يخص "صحة" الاسم كما يجادل كراتيلوس، فإن ذلك بالنسبة لأرسطو هو شيء لا نستطيع أن نضعه في الحسبان للأغراض الإنسانية الاعتيادية من استعمال الأسماء.
و فضلا عن ذلك فإن أرسطو ليس مهتما في تصنيف الكلمات واحتمالات ارتباطاتها بعيدا عن ما هو ضروري لشرح وتوضيح معناها في نطق و لفظ الفكر العقلاني. و من هنا فإن تصنيفاته كانت مبنية على أساس المعنى، كما هو الحال في المقطع الآتي المأخوذ من المقولات:
" إن أية كلمة أو تعبير غير مرتبط بسواه يعني أحد الأشياء الآتية: -ماذا (مادة)، كم الحجم (وهذا يعني الكمية) أي نوع أو شيء، (وهذا يعني الكيفية) بأي شيء يرتبط (أو العلاقة)، أين (وهذا هو المكان)، متى (أو الزمان) في أي موقف(الحالة، الموقع) ما هي الظروف الحافة (الوضعية واشتراطاتها) كم هو فعال وماذا يفعل (الحدث) كم هو متأثر، لم يعاني (التأثير).
( المقولات ) IV
إنه يقدم الأمثلة الآتية لمقولاته العشر حول التعبير. و بعضها يمكن أن يمثل في الإنجليزية بعبارة بدلا عن الكلمة (الإغريقية المفردة).
" الإنسان والحصان تعبيران عن المادة أو الجوهر، الذراعان طولا، الثلاثة أذرع طولا هي تعبير عن الكمية والمقدار. محافظ على قواعد النحو عن النوعية نصف وضعف وأكثر جسامة من العلاقة، وفي الوقت ، وفي الليسيوم عن المكان، أمس، في العام الماضي عن الزمان، ويضطجع أو يجلس عن الوضعية، هو منتعل حذاءا أو هو مسلح حول الحالة، يقع أو يحترق حول الحدث، ومقطوع ومحروق حول التأثير. "
إن هذه المقولات العشر للتعبير هي بالنسبة لأرسطو آجر البناء اللفظي التي يجب أن تستعمل في إنشاء أية عبارة بسيطة. إنه يزعم:
ليس أي من هذه المصطلحات، بحد ذاته، سينطوي على أية عبارة تامة. فالإثبات وكذلك الأفكار يمكن |أن يظهرا للوجود فقط عندما يتم ربط هذه المصطلحات أو توحيدها مع بعضها. فكل عبارة موجبة أو سالبة يمكن أن تكون إما صادقة أو كاذبة. و هذا يعني أنه في الأقل، أنها متاحة في كل مكان – ولكن كلمة أو تعبير غير مرتبط بسواه (مثلا، أبيض، يركض، أو يفتح بلادا) لا يمكن أن تكون صادقة أو كاذبة.
ويجب أن يلاحظ أن مقولات أرسطو العشر ليست " أقسام الكلام " parts" of speech" بالمعنى الحديث الذي نتداوله لهذا المصطلح. و لكن ربما تكون " أجزاء الجملة" أو في الأقل لنوع الجملة التي تستعمل لإنشاء إفادة بسيطة "السمك يعوم" " لقد كانت تمطر هنا أمس" الخ.
ولقد استعار أرسطو أيضا من أفلاطون التمييز التقليدي بين "الاسم" (onoma) و"الخبر" (rhema)، ولكن مرة أخرى كان مهتما بهذا التمييز مبدئيا لكونه مفيدا في تحليل تركيب أو بنية الأقوال التي تحتمل الصدق أو الكذب والأقيسة المنطقية. وهذا يستتبع أنه وعلى الرغم من أن هذه المصطلحات توصف عادة على أنها "اسم" و"فعل" في الترجمة الإنجليزية لأرسطو فإن ذلك ينطوي على تضليل محتمل. فمثلا في "التفسير" نجد أن لفظة "onoma" قد عرفت على أنها لفظ له معنى مبني بوساطة العرف لوحده، ولكن ليس فيه إشارة من أي نوع إلى الزمن بينما ليس لأي من أجزائه معنى بعيدا عن الكل، وعرف الخبر على أنه لفظ لا يحمل معنى معينا فحسب ولكن فيه إشارة زمنية أيضا. ولا جزء له معنى بذاته أنه يؤشر دائما إلى أن شيئا ما قد قيل أو أؤكد حول شيء ما آخر. 
(التفسير II-III) 
من الواضح أن ما كان في ذهن أرسطو هنا ليس هو التفريق الحديث بين الاسم والفعل ولكن شيء أقرب كثيرا من ذلك التفريق بين أبسط أنواع المسند إليه subject (أو الموضوع) والمسند (أو المحمول). (ضحك جونJohn laughed)، أشرقت الشمس The sun shone والطيور تطير Birds fly ...الخ.]3[
وعلى أية حال فإن أرسطو لم يستنتج اختلافا واضحا بين الجمل sentences والأقوال utterances. فهو كان مهتما أكثر بالتمييز بين الجملة (القول ) وما يمكن أن يقال معها. وعلى هذا الأساس فإنه يعرف اللوغوس (الذي تحوله الترجمة الإنجليزية بشكل مفصل إلى "جملة ") على أنه الكلام الدال الذي يكون فيه هذا الجزء أو ذاك ذا معنى بوصفه شيئا ما، وبكلمة أخرى، ما يلفظ ولكن ليس على انه تعبير عن حكم لوصف إيجابي أو سلبي (التفسير IV). وكل لوغوس، كما يتابع، له معنى ليس بصفته أداة من أدوات الطبيعة ولكن، وكما لاحظنا، بوساطة العرف، وعلى أية حال ليس ممكنا أن يسمى كل شيء فرضا يحتمل الصدق والكذب في ذاته. فنحن نسمي، فرضا، تلك الأشياء التي تمتلك الصدق والكذب في ذاتها. وهنا، كما هو واضح ، فإنه يرغب في التفريق بين اللوغوس (القول) من مثل "دعنا نذهب إلى أثينا" الذي يعبر عن رغبة مجردة، و اللوغوس (القول) من مثل " ذهبنا إلى أثينا" الذي يعبر عن تقرير والذي بناءا على ذلك ، من وجهة نظره، يجب أن يكون إما صادقا أو كاذبا، ولكن لم يجسد متسعا للتفريق بين جملة (من مثل "ذهبنا إلى أثينا")، بكلمة أخرى أي بوصفها تشكيلا من الكلمات ليس صادقا أو كاذبا بحد ذاته، ولكنها تنطوي على إمكانية أن يجري استخدامها في مناسبات مختلفة من أناس مختلفين لإنشاء التوكيدات التي، واعتمادا على الظروف، ربما يحكم عليها بعد ذلك بالصدق أو الكذب. وإحدى الطرق لوضع ذلك بلغة حديثة هو القول أن أرسطو لم ير ضرورة للتفريق بين اللوغوس بوصفه جملة (أو بنية جملة) و اللوغوس بوصفه قولا أو تفوها ( أو بصفته رسالة تحتمل الصدق والكذب) ، أو بين اللوغوس بوصفه سمة مميزة و اللوغوس بوصفه علامة. وهذا يصدم القارئ الحديث لأن كل ما هو أكثر جدارة بالملاحظة في ذلك النص الأرسطي هو أنها "حافلة" بالأمثلة (بمعنى أن الجمل المكتوبة بين فوا رز مقلوبة أو بوساطة المدرس على السبورة إنما هي أمثلة ). إن الأمثلة اللسانية من هذا النوع مسلم بأنها تنطوي على معنى وإلا فإنه سيكون من الحماقة أن يتم إيرادها كأمثلة، ولكن ليس من الواضح أن الأمر يؤدي إلى كثير من المعنى إذا ما عزونا الصدق أو الكذب إلى الكلمات "ذهبنا إلى أثينا" عندما تكتب على اللوح في الفصل الدراسي؛ أو لحدث كتابتها، أو لأية فرضية ( ما هي هذه الفرضية؟) يزعم أنها تعبر عنها.
لم يقصر أرسطو مناقشته للكلمات على اللغات التي عدّت أداة للعقلانية، فقد أخذ أيضا بالحسبان اللغة بوصفها أداة إقناع، وبخاصة الإقناع الأدبي. إن وجهات النظر هذه قد هيمنت في الأبحاث حول البلاغة وفن الشعر . و العمل الأخير يحتوي على وصف أرسطو الأكثر تأثيرا للاستعارة، و لسوء الحظ، فإنه يحتوي أيضا، في النسخة التي وصلتنا، الكثير حول اللغة الذي هو ببساطة مشوش.
و القراءة المدققة للفصول الثلاثة في فن الشعر المكرسة للملاحظات العامة حول اللغة،نلاحظ أن الأول منها (الفصل 1) يرسم تمييزا واضحا بين مفردات اللغة(lexis) والفكر (dianoia) ويناقش أرسطو هنا، كيف يمكن للشاعر أن يمثل ما يحدث في عقل شخصية قصصية متخيلة.
" إن فكر الشخصيات القصصية المتخيلة توضح وتعرض في كل شيء لابد يتأثر بوساطة لغتهم في كل أمر يبرهن أو يدحض، لإثارة المشاعر ( الشفقة والخوف والغضب وما إلى ذلك)، أو لتضخيم أو تصغير الأشياء. ومن الواضح أيضا أن منهجها العقلي يجب أن يكون متناغما في اتجاه تأثيراتها، سواء رغبوا في إثارة الشفقة أو الرعب، أو إلقاء نظرة تنم عن الأهمية أو الاحتمالية. والاختلاف الوحيد هو أنه عند الأداء فإن الانطباع يجب أن يؤدى دونما توضيح أو شرح، بينما مع الكلمات الملفوظة يجب أن يقدم الأمر بوساطة المتحدث ويجب أن يكون نتيجة ناجمة عن كلماته. ما الذي يمكن أن يكون، في الحقيقة، جيدا في عطاء المتحدث، إذا بدت الأشياء في الصيغة المطلوبة حتى وإن استبعدنا أي شيء قد قاله؟ " 
( فن الشعر19)
إن هذا السؤال الأخير يستدعي التساؤل الأكثر عمومية: ما هو الجيد في الكلام نفسه إذا كان بإمكاننا التواصل بالأفعال بدون الاستعانة بالكلمات؟ فمن الواضح أنه سيكون زائدا عن الحاجة. و لكن أرسطو لا يعتقد، وعلى نحو جلي، أن الأمر سيكون كذلك. إن هذا المقطع مهتم بإقامة ترابط وصلة مع تصور اللغة التي جرى تقديمه في بداية ( التفسـير ) . لأن أرسطو هاهنا في فن الشعر يفكر في المسألة نفسها في درجة واحدة: بكلمة أخرى، إنه ينظر إلى مشكلة الشاعر في تمثيل السلوك الإنساني بوساطة الكلمات والأفعال المسندة للشخصيات في القصيدة: إن وثاقة صلة هذا لا يمكن أن تفهم ما لم ندرك أن الشعر بالنسبة لأرسطو، إنما هو محاكاة متأصلة: وفضلا على ذلك فإنه الفن الوحيد الذي يحاكي بوساطة اللغة فحسب. لذالك نرى الشعر، و إذا جاز التعبير، اللغة قد ارتدت إلى جوهرها الوظيفي.
"الشعر الملحمي والمأساة، وكذلك الملهاة ، والشعر الحماسي وأغلب عزف الفلوت والقيثارة ينظر إليها في مجموعها على أنها صيغ محاكاة وتقليد. ولكنها في الوقت نفسه تختلف عن بعضها البعض في ثلاثة أمور، إما بوساطة الاختلاف في نوع الوسيلة، أو بالاختلافات في سبل إدراكها بالحواس أو في طريقة كل منها في المحاكاة "
وكما تستعمل الأشكال والألوان بوصفها وسيلة من البعض الذين (سواء أكان ذلك عبر الفن أو عبر التمرين الدائم) يحاكون ويصورون أشياء كثيرة اعتمادا على ما تقدمه من دعم، كالذي يستعمله آخرون، وكذا الأمر في مجموعة الفنون المذكورة أعلاه، والوسائل المستخدمة معها بمجموعها هي الإيقاع، اللغة والتناغم بين العناصر- وهي تستعمل عادة إما منفردة أو في مجاميع محددة، فاجتماع الإيقاع والتناغم لوحدهما هو الوسيلة في عزف الفلوت والقيثارة ، وأية فنون أخرى قد يمكن أن توصف على هذا الشاكلة مثل عزف المزمار المنطوي على محاكاة . فالإيقاع لوحده وبدون التناغم هو الوسيلة في محاكاة الراقص، لأنه حتى الراقص نفسه، وبوساطة الإيقاعات التي تبرزها أوضاع جسمه، ربما يمثل شخصيات الرجال وكذلك أيضا ما يقومون به وما يعانون منه. وهنالك فضلا عن كل هذا فن يحاكي بوساطة اللغة لوحدها، بدون تناغم، في النثر أو في النظم، وإذا ما كان الكلام عن النظم أما بشكل أحد البحور أو في مجموعها. إن هذا الشكل من المحاكاة لم يحز على تسمية إلى هذا اليوم.
(فن الشعر 1)
ويمضي أرسطو قدما في استهجان الاعتقاد الخاطئ الذي يجعل مصطلح الشعر (poetry) مقصورا على التأليف في النظم ليس غير ؛ وعلى هذا النحو يحجب المعيار الأكثر جوهرية الذي هو المحاكاة عبر اللغة . إن الغرض الأساسي للكلام بالنسبة لأرسطو، هو التعبير عما يدور في عقل المتكلم، ولكن ذلك يمكن أن يعبر عنه بصورة غير لفظية بوساطة الإشارات، النظرات، والأوضاع، و الحركات، الخ [4]. فما هي إذن العلاقة بين صيغ التعبير البديلة هذه ؟ و مما اخبرنا به في فن الشعر، يبدو أن الكلام والحدث يشتركان في العلاقة ذاتها مع الفكر أو (dianoia) نظرا لأن كليهما صيغتان من صيغ التجسيد فكلاهما يخلق مظهرا واضحا ومدركا ظاهريا ولذلك فهو قابل للتوصيل لما هو باطني وداخلي الذي سيضل خفيا وغير قابل للتوصيل بدون فعل الإظهار والتجسيد هذا . على أن أفعال الشخص يمكن أن تعبر عن الرجاء والخوف والشفقة والموافقة والرفض... الخ . و كذا الاستجابات المختلفة لتقديم الأحداث والظروف فإنه يبدو أن الحدث لا سبيل له ليعبر عن مقولة بسيطة. وهذا يتطلب الاستعانة باللغة. فإن لم يحتج الاتصال الإنساني إلى الحقائق التي يجب أن يعبر عنها. فإذا لم يتطلب الاتصال الإنساني حقائق لكي يتم تبيانها كلاميا (بوصفها أمر متميزا عن نقل المواقف والانفعالات والاستجابات) ؟ فإن اللغة ستبدو في الحقيقة: أمرا نافلا ولا حاجة له. وهذا، ربما يستدل المرء منه، يفسر الانشغال الكامل لأرسطو وبشكل جلي، باللغة بوصفها أداة لإنجاز الجمل الخبرية المفيدة. ( لأنه أحد الأمور التي يمكن للغة أن تنجزه ولا يمكن للاتصال غير اللفظي أن يفعل ذلك).
إن الفصل العشرين من " فن الشعر " يميز ثمانية وحدات من المفردات المعجمية. وهي تشمل الحرف، المقطع ، أداة الربط (sundesnes) وأداة التعريف (arthron) الاسم، الفعل، الصيغة الاستفهامية (potesis)، والكلام (logos). إن هذا التصنيف المشوش قد كان هو عينه مصدر يأس الشارحين الذين، مع كل هذا، عاملوه بجدية بدلا من رفضه بوصفه موضوعا منحولا وزائفا كما قد يكون مستحقا لذلك. إن التعاريف والأمثلة المعطاة للوحدات الثمانية هي موضع نظر على عدة صعد ، كما أن علاقة عملية التحليل برمتها بفن وتقنيات الشعر هي غامضة تماما .
إن الفصل الحادي والعشرين، الذي يحاول أن يصنف الكلمات على أساس ما تتألف منه وعلى أساس الاستعمال والجنس، هو أقل اختلاطا و تشوشا . وهو بالتأكيد غير كامل في النسخة التي وصلتنا. و قد احتوى مع ذلك على التحليل الأرسطي الشهير للاستعارة التي توجد أسبابا نظرية وجيهة (أنظر ما يأتي) لقبولها على أنها أصيلة.

"الاستعارة تكمن في إعطاء الشيء اسما يعود على شيء آخر، والتحويل قد يكون من الجنس للنوع أو من النوع للجنس أو من النوع للنوع أو على أسس القياس ؛ والمنطق الذي من الجنس للنوع يمكن تمثيله في العبارة "هنا تقف سفينتي"(1) لأن الوقوف بالاستناد على المرساة إنما هو وقوف "لشيء ما محدد "
.أما ذلك النمط الذي من النوع للجنس فهو في المثال"في الحقيقة لقد أحدث يوليسيس عشرة آلاف مأثرة "(2) حيث أن "عشرة آلاف " الذي هو رقم محدد كبير. قد وضع بديلا من عبارة "عدد كبير " العامة والشاملة. أما ذلك الذي من الأنواع إلى الأنواع فهو في المثالين " يقد الحياة بالبرونز" و " يفصل الحياة بالبرونز الطويل البقاء" حيث يستخدم الشاعر لفظة "يقد" بمعنى يفصل وكلاهما تعنيان يقصي شيئا ما[3]. أما النوع الذي يستمد من القياس فهو ممكن حينما تكون هنالك أربع مصطلحات متصلة الدلالة ببعضها إلى الحد الذي يكون فيه الثاني بالنسبة للأول مثل الرابع بالنسبة للثالث، لأن بإمكان المرء ، استنادا إلى ذلك، أن يستبدل مستعيرا الرابع بدلا من الثاني أو الثاني بدل الرابع. وأحيانا فإنهما يكفيان الاستعارة بأن يضيفا إليها ذلك الشيء الذي حلت محله الكلمة بوصفه أمرا نسبيا أيضا . وهكذا فإن الكأس لها علاقة بـ "ديونزيوس" كما هو الحال الدرع بالنسبة لآريس (4). وإذا ما أخذنا مثالا آخر، كما هو التقدم بالعمر بالنسبة للحياة، كذلك هو الحال المساء بالنسبة للنهار واستنادا إلى ذلك يستطيع المرء أن يصنف المساء على انه أرذل عمر النهار –أو بوساطة المكافيء الأمبادوكليسي(5)- وأرذل العمر على أنه مساء أو مغيب شمس الحياة. وربما يكون ممكنا أن بعض المصطلحات المتعالقة على هذا النحو ليست أسماء مختصة بها، ولكن نظرا لذلك فإنها ستوصف مجازيا بالطريقة نفسها تماما. وعلى هذا النحو فإن تصورنا لمستقبل بذرة القمح يدعى زرعا، ولكن تصورنا للشهب الذي تنتجه، كما هو حال الشمس ليس له اسم. وهذا الحدث الذي لا اسم له ،على أية حال يمثل العلاقة نفسها تماما مع موضوعها "ضوء الشمس" كما هو حال بذرة القمح، ومن هنا جاء تعبير الشاعر " الزرع حول الوهج الإلهي التخليق "(6) وهنالك صيغة أخرى لتحديد الاستعارة:إذ بوساطة إعطاء الشيء اسما مغايرا، ربما يستطيع المرء أن يجحد إحدى مزايا الشيء المرتبطة طبيعيا باسمه الجديد وذلك بفضل الإضافة السلبية. ومثال هذا قد يكون أن نسمي الدرع ليس "كأس أريس" كما في الحالة السابقة، ولكن" الكأس التي لا تحمل خمرا ".
(فن الشعر 21)

إن هذه الفقرة تستحق الاهتمام لعدد من الأسباب، ليس أقلها التحليل اللساني التجريبي، الذي قدم كاستجابة للحاجة إلى الانسجام والتماسك النظريين. لا يبدو أرسطو هنا قريبا من أي تصور أقدم للاستعارة. والأمثلة التي اقتبسها قد جاءت جميعا من الشعر الذي عرفه. باختصار فإنه حاول أن يوضح الحقيقة. و هو ما يلحظ في البرهان المستمد من الاستعمال الشعري، أنه في بعض الحالات نجد أن بعض الكلمات قابلة للإدراك على نحو ممتاز حتى عندما لا تكون مستعملة في معانيها الاصطلاحية المتعارف عليها. و بوصفه اصطلاحيا، فقد كان أرسطو ملزما أدبيا في أن يرى هذا على أنه دليل مضاد لوجهة نظره حول اللغة. ولذلك فقد كان تواقا لإعطائه تفسيرا جانبيا عبر إقامة نظرية للتحويل الدلالي وهو يزعم، نتيجة لذلك، أن المعاني يمكن أن تنتقل من كلمة إلى أخرى دونما تأسيس لتقليد اصطلاحي خاص، " شرط أن" تقوم أنماط علاقة منتظمة ومحددة بين الكلمات موضع النظر. ولقد تمكن من إنجاز ذلك عبر اختصار كل الاستعارات إلى الاعتماد إما على العلاقة بين النوع والجنس، أو على علاقة التناسب. ولن يهمنا هاهنا فيما إذا كان هذا الاختصار ناجحا: فالتاريخ اللاحق للجدل حول الاستعارة منذ القدم وإلى الوقت الراهن يثبت تماما أن اختصار أرسطو مفتوح للسؤال. و الأمر الأكثر ارتباطا بغاياتنا الحالية هو أن نأخذ بعين الاعتبار فيما إذا كانت نظرية أرسطو، حتى إذا كانت قد نجحت في تغطية كل الأنماط المقررة للاستعارة، لا تتعارض مع ذلك مع تفسيره الاصطلاحي الأساسي للمعنى. 
وهذا سيجعلنا نستعيد مرة أخرى النظرية التي تم تحديد ملامحها في بداية كتاب " التفسـير " حيث اتخذ أرسطو موقفا يختلف عن موقف أفلاطون في جانبين. فأولا : لقد تخلى عن الهيئات والأشكال ]المثل[ الأفلاطونية الخالدة بوصفها المنابع النهائية للمعرفة والمعنى، وافترض أن العالم الواقعي المباشر، كما تلقته حواسنا، هو الذي يزودنا بنماذج الأشياء التي نتحدث عنها. ولكنه، قبل الفكرة القائلة أن العلاقة بين الكلمات والعالم الواقعي إنما هي فقط علاقة غير مباشرة: إنها وسيلة ووساطة عبر العقل الإنساني. وثانيا: على الرغم من أنه يتفق مع أفلاطون من أن العقل يخزن مماثلات، الأشياء التي نعيها عن طريق الحواس، فإنه لا يوافق على انه هنالك أية علاقة تنكرية أو محاكاتية بين هذه المماثلات والكلمات التي تمثلها. فهذه العلاقة الأخيرة إنما هي علاقة اصطلاحية صرفة. وعلى هذه الشاكلة فإنه يؤكد موردا الحجج الآتية (i) أن الكلمة هي نفسها لكل ما يكمن فيها (ii) أن التمثيل الذهني للعالم هو ذاته لكل ما يكمن فيه من ولكن (iii) اللغة هي ليس نفسها "لأنها" اصطلاحية ؛ ولأن مختلف الجماعات تمتلك أعراف ]لغوية [ مختلفة. وما ذلك إلا لأن إحساس كل إنسان بالعالم هو نفسه، ولكن هذا يستلزم أن الناس سيفهمون كلام بعضهم بعضا فقط فيما إذا أقاموا كلامهم على أساس من اللغة الاصطلاحية نفسها ]الشفرة المشتركة [.
الاختلاف في الأعراف اللفظية هو ما يمكن أن يمنع التواصل الكوني وليس هنالك من عائق آخر أو من منشأ للصعوبة. لذلك فإن الطبيعة الاصطلاحية للغة، بالنسبة لأرسطو هي ما يوضح في الوقت نفسه أمرين معا : لماذا تفهم الناس الذين يتكلمون لغتنا الخاصة، وكذلك لماذا لا تفهم الناس الذين يتكلمون لغة أجنبية، على الرغم من |أنهم يتحدثون من أجل أداء معاني محددة وبصورة صحيحة. ومن الواضح أن أرسطو يفترض مسبقا أن الاتصال هو عابر للأذهان. باختصار إن الكلمات تحول الأفكار من عقل شخص ما إلى عقل شخص آخر لأنها - وبقدر ما - مرتبطة بالأفكار نفسها في كلا العقلين وهذا هو بالضبط دور العرف والاصطلاح ؛ أن ينشأ في عقل المرء ترابطات بين الكلمات والأفكار. فالكلمات، يخبرنا كتاب التفسير، هي علامات أو رموز لـ "تأثرات" النفس، (أعني ما هو مخزون في العقل)، بينما تأثرات النفس، ليست علامات أو رموز في العالم الواقعي، ولكنها نسخ منها (على الرغم من أنها نسخ طبيعية، ولذلك فهي متطابقة بالنسبة للجنس البشري كافة). لذا فإن السلسلة التي تربط الكلمات بالعالم هي ما قسمه أرسطو إلى قسمين. هنالك قسم للصيرورات الطبيعية الكونية(التي تربط العالم عبر تلقينا الحسي إلى التمثيلات العقلية للعالم)، وهنالك قسم للصيرورات الاصطلاحية غير الكونية التي تربط التمثيلات العقلية باللغة.
والاستعارة ظاهرة تهدد هذه الصورة للأسباب الآتية: إن الشاعر لا يحتاج أن يعطينا أي تحذير مسبق لأنه ينوي أن يستخدم مصطلحا ما على نحو مجازي ومع ذلك فحينما يشير إلى درع ديونزيوس، فإننا نفهم أن الشيء موضع البحث إنما هو الكأس. والنزعة الاصطلاحية غير المصقولة جيدا هي تلك المرتبكة والمترددة في إيضاح هذا لأنه ليس ثمة اصطلاح أو عرف يربط كلمة درع بالكؤوس لذلك فإن الشخص الاصطلاحي الصارم، كما يبدو، سيجبر على أن يتخذ موقفا يزعم فيه أنه بوساطة الإشارة إلى كأس ديونزيوس على أنه درع فإن ذلك يؤسس ما يفيد بأن كلمة "درع" قد اكتسبت معنى جديدا ، ولكن هذا شرح للمسألة غير معقول أو جدير بالتصديق تماما . و هو أيضا يمثل هزيمة ذاتية للاتجاه الاصطلاحي أيضا لأنه نتيجة لذلك سيبدو أن أي استعمال جديد لكلمة ما سيتم إقراره بوضوح اصطلاحيا. لقد حاول أرسطو تجنب هذا بالزعم بأن التحويل في المعنى ممكن فقط في حالة قيام علاقات مفهومية محدودة بين المفردات المرتبط بعملية التحويل. ولكن حتى هذا التنازل المسلم به لن يحدد وضع الشخص الاصطلاحي، وهو ينجز ذلك استنادا إلى تصورين في الأقل . أولا أن العلاقات المفهومية تحتكم في إثبات صدقية الاستعارة هي نفسها ليست اصطلاحية ؛ بمعنى لا أحد قد أرسى أساسا اصطلاحيا لغويا عاما يكون ممكنا بوساطته أن يتحول استعمال الاصطلاح النوعي إلى نظيره الاجناسي... الخ . لذلك فإن الآلية موضع البحث يجب أن تكون آلية طبيعية، و ليست اصطلاحية من نوع ما. ثانيا: إذا ما تضمنت التحويلات في المعنى علاقات واسعة وحاضرة ومحسوبة في الظاهرة كلها إلى هذا الحد فإن من الصعوبة أن نرى كيف يقدم الاتجاه الاصطلاحي أي تفسير مقنع للكيفية التي يفهم فيها بعضنا بعضا. بكلمة أخرى ، إذا كانت كلمة حصان ترمز ليس فقط للحصان وإنما أيضا أي عنصر من مجموعة غير محدودة العدد من الأشياء التي يمكن أن تمثل في علاقة مجازية مع الخيول ، أو مع حصان بعينه، فإن هذا يرقى إلى مستوى التصريح بأن "حد " الحصان، لا يحوز فقط معناه الاصطلاحي المتعارف عليه ولكنه يحوز أيضا معاني أخرى كثيرة غير اصطلاحية . أما كيف يحدد السامعون أي معنى يصطفون في هذا الإفراط في أوجه المعنى فإنه يصبح معضلة. إن أرسطو لا يعطي أي توضيح للكيفية التي يمكننا عبرها أن نعرف إن كانت كلمة ما مستعملة بمعنى محول أم لا. إن هذه المشكلات في نهاية المطاف، لا تزعج طلاب و أتباع أرسطو؛ ولكن هذا كان بسبب من أنهم، مثل أرسطو، قد فشلوا في أن يروا إلى أي مدى أن الاستعارة هي ببساطة مثال واحد لظاهرة أكثر شيوعا في اللغة، و هي الظاهرة الأكثر عموما التي فشلت الاصطلاحية في تقديم تفسير مقنع لها، ألا وهي التناظر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
1. ترد هذه الاستعارة مرتين في" الأوديسا " لهوميروس.
2. الاقتباس من الإلياذة الفصل 2 السطر 272.
3. المثال الذي أكتنفه الغموض كما جاء في الاقتباس ربما يكون من أمبادوكليس .
4. ديونزيوس هو إله الخمر وهو يصور عادة حاملا كأسا؛ , و أريس هو إله الحرب و يصور حاملا درعا. 
5. الاقتباس من أمبادوكليس مفقود .
6. الشاعر الذي أقتبس منه النص غير معروف.


:إشارات و ملاحظات المترجم
[1]إن الفحص العلمي الدقيق للغة العادية يظهر أنها لا تخلو من انتهاكات للعرف و الاصطلاح .
[2] الشوكران نبات يستخرج منه شراب سام و كان يستخدم في تنفيذ حكم الإعدام في أثينا القديمة.
[3] إن الصيغة الأساسية للجملة العربية تكون بوضع الفعل في البداية. فالعربية هي من التي يعبر عن الجملة فيها بالصيغة : vso حيث يكون الحرفv رمزا للفعل و الحرفS رمزا للفاعل و الحرف O رمزا للمفعول به ؛ بينما الإنجليزية هي من اللغات التي تكون صيغة الجملة فيها هي:SVO . و يلحظ هنا اختلاف في موقع المسند و المسند إليه في الجملتين العربية و الإنجليزية.
[4] تعرف عملية الاتصال عبر استعمال إشارات اليدين و الوجه اصطلاحيا ب kinetics وهو مصطلح يعني في السيميوطيقا الاستعمال النسقي لتعبيرات الوجه و إشارات الجسم لتوصيل معنى ما و خصوصا حين يرتبط ذلك باللغة الملفوظة حين تقلب ابتسامة أو تقطيبة معنى جملة ما إلى الضد


هذه ترجمة للفصل الثاني من كتاب :

“ Land Marks in Linguistic Thought: The Western Tradition from Socrates to Saussure " (1989)By: Roy Harris and Talbot J.Taylor. Routledge and kegan .London.